العلّة التي هي الطبيعة أو غيرها بأنّ تغيُّرها وتجدُدها لسوانح تنضمّ إليها من خارج كحصول مراتب البُعد والقُرب من الغاية في الحركات الطبيعيّة ومصادفة موانع ومعدّات قويّة وضعيفة في الحركات القسريّة وتجدّد إرادات جزئيّة سانحة عند كلّ حدّ من حدود المسافة في الحركات الإراديّة.
ففيه (١) : أنّا ننقل الكلام إلى تجدّد هذه الاُمور الموجبة لتغيّر الحركة من أين حصل؟ فلابدّ أن ينتهي إلى ما هو متجدّدٌ بالذات.
فإن قيل (٢) : إنّا نوجّه صدور الحركة المتجدّدة عن العلّة الثابتة بعين ما وجّهتم به ذلك ، من غير حاجة إلى جَعْلِ الطبيعة متجدّدةً بالذات ، فالحركة متجدّدةٌ بالذات ، ولا ضَيْرَ في صدور المتجدّد عن الثابت إذا كان التجدّد ذاتيّاً له.
فإيجاد ذاته عين إيجاد تجدّده كما اعترفتم به.
قيل (٣) : التجدّد الذي في الحركة العرضيّة ليس تجدُّد نفسِ الحركه ، فإنّ المقولة العرضيّة ليس وجودها في نفسها لنفسها حتّى يكون منعوتاً بنفسها ، فتكون متجدّدةً كما كانت تجدّداً.
وإنّما وجودها لغيرها الذي هو الموضوع الجوهريّ.
فحركة الجسم ـ مثلا ـ في لونه تغيُّرهُ وتجدُّدُه في لونه الذي هو له ، لا تجدُّدُ لونِهِ.
وهذا بخلاف الجوهر ، فإنّ وجوده في نفسه هو لنفسه ، فهو تجدُّدٌ ومتجدّدٌ بذاته ، فإيجاد هذا الجوهر إيجاد بعينه للمتجدّد وإيجاد المتجدّد إيجادٌ لهذا الجوهر ، لا إيجادُ جوهر ، ليصير متجدّداً ، فافهم.
حجّةٌ اُخرى (٤) : الأعراض من مراتب وجود الجواهر ، لما تقدّم (٥) أنّ وجودها
__________________
(١) كما في الأسفار ج ٣ ص ٦٥ ، والشواهد الربوبيّة ص ٨٥ ، وشرح المنظومة ص ٢٥٠.
(٢) هذا الإيراد تعرّض له الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٢٥٠ ، وتعليقاته على الأسفار ج ٣ ص ٦٧.
(٣) والقائل الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٢٥٠ ، وتعليقاته على الأسفار ج ٣ ص ٦٧.
(٤) هذه الحجّة ذكرها صدر المتألّهين في الأسفار ، وسمّاها بالبرهان المشرقيّ ، فراجع الأسفار ج ٣ ص ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٥) راجع الفصل الثالث من المرحلة الخامسة ، والفصل السابع من المرحلة السادسة.