بقولهم : «إنّ إعادة المعدوم بعينه ممتنعة» (١). وقد عدّ الشيخ إمتناع إعادة المعدوم بعينه ضروريّاً (٢).
وقد أقاموا على ذلك حججاً(٣) هي تنبيهات بناءً على ضروريّة المسألة :
ومنها : أنّه لو جاز للموجود في زمان أن ينعدم زماناً ثمّ يوجَد بعينه في زمان آخر ، لَزِمَ تخلّل العدم بين الشيء ونفسه ، وهو محالٌ ، لاستلزامه وجود الشيء في زمانين بينهما عدمٌ متخلّل.
ومنها : أنّه لو جازت إعادة الشيء بعينه بعد إنعدامه جاز إيجاد ما يماثله من جميع الوجوه إبتداءً ، وهو محالٌ.
أمّا الملازمة : فلأنّ الشيء المُعاد بعينه وما يماثله من جميع الوجوه مثلان ، وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحدٌ.
فلو جاز إيجاده بعينه ثانياً بنحو الإعادة جاز إيجاد مثله إبتداءً.
وأمّا إستحالة اللازم : فلاستلزام اجتماع المثلين في الوجود عدَمَ التميّز بينهما ، وهما إثنان متمايزان.
ومنها : أنّ إعادة المعدوم بعينه توجب كون المُعاد هو المبتدأ ، لأنّ فرض العينيّة يوجب كون المُعاد هو المبتدأ ذاتاً وفي جميع الخصوصيّات المشخّصة حتّى الزمان ، فيعود المُعاد مبتدأً وحيثيّة الإعادة عين حيثيّه الإبتداء.
ومنها : أنّه لو جازت الإعادة لم يكن عدد العَوْد بالغاً حدّاً معيّناً يقف عليه ، إذ لا فرق بين العودة الاُولى والثانية والثالثة وهكذا إلى ما لا نهاية له. كما لم يكن
__________________
(١) وذهب إليه الحكماء ، وجماعة من المتكلّمين ، ومنهم بعض الكراميّة وأبو الحسين البصريّ ومحمود الخوارزميّ من المعتزلة ، خلافاً للأشاعرة ومشايخ المعتزلة فإنّ إعادة المعدوم جائزة عندهم. راجع شرح المواقف ص ٥٧٩ ، وشرح التجريد للقوشجي ص ٦٠ ـ ٦٣ وقواعد المرام في علم الكلام ص ١٤٧.
(٢) راجع الفصل الخامس من المقالة الاُولى من إلهيّات الشفاء. واستحسنه فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤٨.
(٣) راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤٧ ـ ٤٨ ، والأسفار ج ١ ص ٣٥٣ ـ ٣٦٤ ، وشرح المنظومة ص ٤٨ ـ ٥١ ، وكشف المراد ص ٧٥ ، وشوارق الإلهام ص ١٢٢ ، وشرح التجريد للقوشجي ص ٦٠ ـ ٦٥.