الإنسان لا في عرضه حتى تتدافعا ولا تجتمعا.
وأمّا تعلّق الإرادة الواجبيّة بالفعل مع كون الإنسان مختاراً فيه فإنّما تعلّقت الإرادة الواجبيّة بأن يفعل الإنسان باختياره فعلا كذا وكذا ، لا بالفعل من غير تقيّد بالإختيار ، فلا يلغو الاختيار ولا يبطل أثر الإرادة الإنسانيّة؛ على أنّ خروج الأفعال الإختياريّة عن سعة القدرة الواجبيّة حتّى يريد فلا يكون ويكره فيكون ، تقييدٌ في القدرة المطلقة التي هي عين ذات الواجب ، والبرهان يدفعه؛ على أنّ البرهان قائم على أنّ الإيجاد وجعل الوجود خاصّة للواجب (تعالى) لا شريك له فيه. ونِعْمَ ما قال صدر المتألّهين (قدس سره) في مثل المقام : «ولا شبهة في أنّ مذهب مَن جعل أفراد الناس كلّهم خالقين لأفعالهم مستقلّين في إيجادها أشنع مِن مذهب مَن جعل الأصنام أو الكواكب شفعاء عند الله» (١) ـ إنتهى.
وأمّا قولهم (٢) : «إنّ كون الفعل الإختياريّ مخلوقاً للواجب (تعالى) لا يجامع توجيه التكليف إلى الإنسان بالأمر والنهي ، ولا الوعد والوعيد على الفعل والترك ، ولا استحقاق الثواب والعقاب ، وليس له فعل ولا هو فاعل».
فيدفعه : أنّه إنّما يتمّ لو كان انتساب الفعل إلى الواجب (تعالى) لا يجامع انتسابه إلى الإنسان ، وقد عرفت (٣) أنّ الفاعليّة طوليّة وللفعل انتساب إلى الواجب بالفعل بمعنى الإيجاد ، وإلى الإنسان المختار بمعنى قيام العرض بموضوعه.
وأمّا قولهم (٤) : «إنّ كون أفعال الإنسان الإختيارية مخلوقة للواجب (تعالى) وفيها أنواع الشرور والمعاصي والقبائح ينافي طهارة ساحته (تعالى) عن كلّ نقص وشين».
فيدفعه : أنّ الشرور الموجودة في العالم على ما سيتضح ليست إلاّ اُموراً فيها خير كثير وشرّ قليل ، ودخول شرّها القليل في الوجود بتبع خيرها الكثير ، فالشرّ
__________________
(١) راجع الأسفار ج ٦ ص ٣٧٠.
(٢) أى قول المعتزلة كما مرّ.
(٣) في ما مرّ آنفاً حيث قال : «وفاعليّة الواجب تعالى في طول فاعليّة الإنسان».
(٤) أي قول المعتزلة كما مرّ.