يكون بنحو من البيان الشبيه بالبرهان اللمّيّ» (١).
فامتناع الماهيّة التي سلكنا إلى بيانه من طريق امتناع الإمكان عليه (تعالى) مثلا ، هو وامتناع الإمكان جميعاً يرجعان إلى بطلان الوجوب الذاتيّ الممتنع عليه (تعالى) ، وقد استحضره العقل بعرض الوجوب الذاتي المنتزَع عن عين الذات.
واعلم أنّه كما تمتنع الملازمة بين ممتنعين بالذات كذلك يمتنع استلزام الممكن لممتنع بالذات ، فإنّ جوازَ تحقُّق الملزوم الممكن مع امتناع اللازم بالذات ، وقد فُرِضت بينهما ملازمةٌ ، يستلزم تحقٌّقَ الملزوم مع عدم اللازم ، وفيه نفي الملازمة ، هذا خلفٌ (٢).
وقد اُورد عليه (٣) : بأنّ عدمَ المعلول الأوّل وهو ممكنٌ ، يستلزم عدم الواجب بالذات وهو ممتنعٌ بالذات.
فمن الجائز أن يستلزم الممكن ممتنعاً بالذات ، كما أنّ من الجائز عكسَ ذلك ، كاستلزام عدم الواجب عدمَ المعلول الأوّل.
ويدفعه (٤) : أنّ المراد بالممكن هو الماهيّة المتساوية النسبة إلى جانبَي الوجود والعدم.
ومن المعلوم أنّه لا إرتباطَ لذاتها بشيء وراء ذاتها الثابتة لذاتها بالحمل الأوّلي ، فماهيّة المعلول الأوّل لا إرتباطَ بينها وبين الواجب بالذات.
نعم ، وجودها مرتبطٌ بوجودهِ واجبٌ بوجوبه ، وعدمُها مرتبطٌ عقلا بعدمه ممتنعٌ
__________________
(١) البرهان اللمّيّ هو الذي يسلك فيه من العلّة بالمعلول وإذ لا علّة لوجود الواجب (تعالى) وليس هو (تعالى) معلولا فلا يمكن إثبات الصانع بالبرهان اللمّيّ.
وقال الحكيم السبزواريّ فيما علّق على الأسفار : «لا يلتزم أنّه برهان لمّيّ بل شبيه باللمّيّ لكن على أنّه فوق اللمّيّ لا أنّه دونه. أمّا أنّه ليس بلميّ حقيقة فهو ظاهر إذ ليس هو (تعالى) معلولا. وأمّا أنّ الاستدلال من حقيقة الوجود على الوجوب فوق اللمّ فلأن كلّ لمٍّ مستعير في الانارة من نور حقيقة الوجود ...» راجع تعليقته على الأسفار ج ٦ ص ٢٩ الرقم (٣).
(٢) راجع الأسفار ج ١ ص ١٩١ ـ ١٩٦ ، وحاشية المحقّق الدوانيّ على شرح التجريد القوشجيّ ص ٣٤.
(٣) والمورِدُ هو المحقّق الطوسيّ على ما نُقِل عنه في الأسفار ج ١ ص ١٩١. وتعرّض له أيضاً الحكيم السبزواريّ في تعليقته على الأسفار ج ١ ص ١٩٠ الرقم (١).
(٤) كما في الأسفار ج ١ ص ١٩٢ ـ ١٩٣.