بامتناع عدمه ، وليس شيءٌ منهما ممكناً بمعنى المتساوي النسبة إلى الوجود والعدم.
وأمّا عدُّهم وجودَ الممكن ممكناً ، فالإمكان فيه بمعنى الفقر والتعلّق الذاتيّ لوجود الماهيّة بوجود العلّة ، دونَ الإمكان بمعنى استواء النسبة إلى الوجود والعدم ، ففي الإشكال مغالطةٌ بوضع الإمكان الوجوديّ موضعَ الإمكان الماهويّ.
خاتمة :
قد اتّضح من الأبحاث السابقة أنّ الوجوب والإمكان والامتناع كيفيّات للنَسَبِ في القضايا ، لا تخلو عن واحد منها قضيّةً (١) ؛ وأنّ الوجوب والإمكان أمران وجوديّان (٢) ، لمطابقة القضايا الموجّهة بهما بما أنّها موجّهة بهما للخارج مطابقة تامّةً.
فهما موجودان في الخارج لكن بوجود موضوعهما ، لا بوجود منحاز مستقلٍّ (٣) ، فهما من الشؤون الوجوديّة الموجودة لمطلق الموجود كالوحدة والكثرة والحدوث والقدم وسائر المعاني الفلسفيّة المبحوث عنها في الفلسفة ، بمعنى كون الاتّصاف بها في الخارج وعرْضُها في الذهن ، وهي المسمّاة بـ «المعقولات الثانية الفلسفيّة».
وأمّا الامتناع فهو أمرٌ عدميٌ.
هذا كلّه بالنظر إلى اعتبار العقل الماهيّاتَ والمفاهيمَ موضوعات للأحكام.
وأمّا بالنظر إلى كون الوجود العينيّ هو الموضوع لها بالحقيقة لأصالته ، فالوجوبُ نهايةُ شدّةِ الوجود الملازم لقيامه بذاته واستقلاله بنفسه ، والإمكان فَقْرُهُ في نفسه وتعلُّقه بغيره بحيث لا يستقلّ عنه بذاته ، كما في وجود الماهيّات الممكنة ، فهما شأنان قائمان بالوجود غير خارجين عنه.
__________________
(١) بخلاف صاحب المواقف حيث ذهب إلى أنّ الوجوب والإمكان والامتناع في الأبحاث السابقة غيرُ الوجوب والإمكان والإمتناع التي هي جهات القضايا وموادها. فراجع شرح المواقف ص ١٣١.
(٢) بخلاف الشيخ الإشراقيّ ، فإنّه قد وضع قاعدةً لكونهما وأشباههما أوصافاً عقليّةً لا صورة لها في الأعيان. هكذا قال في الأسفار ج ١ ص ١٧٢. وراجع حكمة الإشراق ص ٧١ ـ ٧٢.
(٣) كما توهمّه الحكماء المشاؤون من أتباع المعلّم الأوّل ، فراجع الأسفار ج ١ ص ١٣٩.