إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الدالّة على ما قلناه (١).
ثم إن المراد من العترة ههنا هم أئمة الدين من أهل البيت النبوي ، لا كل من انتسب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من طريق فاطمة عليهاالسلام ، وقد نصَّ غير واحد من أعلام أهل السنة على أن المراد بالعترة هم العلماء لا الجهّال :
قال المناوي : قال الحكيم : والمراد بعترته هنا العلماء العاملون ، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن ، أما نحو جاهل وعالم مخلط فأجنبي عن المقام (٢).
وقال ابن حجر : ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله ، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ، ويؤيّده الخبر السابق : « ولا تعلِّموهم فإنهم أعلم منكم » ، وتميَّزوا بذلك عن بقية العلماء ، لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وشرَّفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة ، وقد مرَّ بعضها (٣).
أقول : وأوضح مصاديق هؤلاء العلماء من العترة النبوية الطاهرة أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، فإنهم الذين اتفقت الأمَّة على حسن سيرتهم ، وطيب سريرتهم ، وأجمعوا على أنهم علماء يُقتدى بهم ، وتُقتفى آثارهم ، وقد سبق الإشارة إلى ذلك فيما تقدم.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما إن تمسَّكتم بهما » يدل على أن ترك التمسُّك بهما موقع في الضلال ، لأن المشروط عدَمٌ عند عدم شرطِه.
__________________
(١) راجع مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٨٥ ، ٣٣٠ ، ٤ / ١٠٧ ، ٦ / ٢٩٢ ، ٣٢٣. مجمع الزوائد ٩ / ١٦٦ ـ ١٧٤ ، الدر المنثور ٦ / ٦٠٣ في تفسير آية التطهير ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٩ / ٦١ ، السنن الكبرى ٢ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ، مسند أبي داود الطيالسي ، ص ٢٧٤ ، خصائص أمير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ، ص ٣٠ ، ٤٧ ، كتاب السنة ٢ / ٥٨٨ ، مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٣١ ، تاريخ بغداد ١٠ / ٢٧٨ وغيرها.
(٢) فيض القدير ٣ / ١٤.
(٣) الصواعق المحرقة ، ص ١٥١.