فإذا كانوا قد كشفوا بيت فاطمة لأخذ البيعة من أمير المؤمنين عليهالسلام (١) ، ولم يراعوا لبيت فاطمة الزهراء عليهالسلام حرمة ، فعدم مراعاة غيرها من طريق أولى ، وإن قهْرهم لعلي عليهالسلام لأخذ البيعة منه (٢) ، مع ما هو معلوم من شجاعته وقربه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يجعل غيره لا يمتنع عن البيعة.
ومن شدة عمر في هذا الأمر أنه كان من الذين نَزَوا على سعد بن عبادة يوم السقيفة وكادوا يقتلونه ، وقد ذكر ذلك عمر في حديث السقيفة ، فقال :
__________________
(١) ذكر المسعودي في مروج الذهب ٢ / ٣٠١ أن أبا بكر لما احتضر قال : ما آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتها ، وددت أني تركتها ، وثلاث تركتها وددت أني فعلتها ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنها ، فأما الثلاث التي فعلتها ، ووددت أني تركتها ، فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة. وفي الإمامة والسياسة ، ص ١٨ : فأما اللاتي فعلتهن وليتني لم أفعلهن : فليتني تركت بيت علي وإن كان أعلن عليّ الحرب ... وذكر هجوم القوم على بيت فاطمة أيضاً : اليعقوبي في تاريخه ٢ / ١١. وأبو الفداء في تاريخه ١ / ٢١٩. وأبن قتيبة في الإمامة والسياسة ، ص ١٣ كما سيأتي.
(٢) قال أبن قتيبة في الإمامة والسياسة ، ص ١٣ : ثم قام عمر ، فمشى معه جماعة ، حتى أتوا باب فاطمة ، فدقوا الباب ، فلما سمعت اصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا أبت يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وأبن أبي قحافة؟ فلما سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا باكين ... وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا علياً ، فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع ...
وقال أبو الفداء في تاريخه ١ / ٢١٩ : ثم إن أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى علي ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها ، وقال : إن أبوا عليك فقاتلهم. فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار ، فلقيته فاطمة رضي الله عنها وقالت : إلى أين يا ابن الخطاب؟ أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخل فيه الأمة ... ونظم هذا المعنى حافظ إبراهيم ، فقال :
وقولة لعلي قالها
عمر |
|
أكرم بسامعها أعظم
بملقيها |
حرقت دارك لا أبقي
عليك بها |
|
إن لم تبايع وبنت
المصطفى فيها |
ما كان غير أبي
حفص بقائلها |
|
أمام فارس عدنان
وحاميها |
وهو كثير في كتب التاريخ يجده المتتبع.