وكان كثير من الصحابة يتجنّبون الخلاف حتى مع علمهم بالخطأ ، ويرون فعل الخطأ مع الوفاق ، أولى من فعل الحق مع الخلاف.
ومن ذلك ما أخرجه أبو داود في السنن عن عبد الرحمن بن يزيد قال : صلّى عثمان بمنى أربعاً ، فقال عبد الله : صليت مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين. زاد عن حفص : ومع عثمان صدراً من إمارته ، ثم أتمَّها ... ثم تفرَّقت بكم الطرُق ، فلَوددتُ أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبَّلتين ... فقيل له : عِبْتَ على عثمان ثم صلَّيتَ أربعاً؟ قال : الخلاف شر (١).
ورواه أحمد في المسند عن أبي ذر (٢). ورواه البيهقي في السنن الكبرى عن ابن مسعود ، وفيه أنه قال : ولكن عثمان كان إماماً ، فما أخالفه ، والخلاف شر (٣).
وكان ابن عمر إذا صلّى مع الإمام صلّى أربعاً ، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين (٤).
٣ ـ أن عمر بن الخطاب كان يعضِّد أبا بكر ويقوّيه ، وعمر معروف بالشدة والغلظة ، فلذلك خاف قوم من مخالفة أبي بكر وعمر في هذا الأمر ، وأُجبر قوم آخرون على البيعة (٥) ، فاستتبَّ الأمر بذلك لأبي بكر.
__________________
(١) سنن أبي داود ٢ / ١٩٩ ح ١٩٦٠.
(٢) مسند أحمد بن حنبل ٣١ / ٢٠٥ ح ٢١٥٤١.
(٣) السنن الكبرى ٣ / ١٤٤.
(٤) صحيح مسلم ١ / ٤٨٢.
(٥) ذكر الطبري في تاريخه أن سعد بن عبادة قال يوم السقيفة لأبي بكر : إنك وقومي أجبرتموني على البيعة. فقالوا له : إنا لو أجبرناك على الفرقة فصرت إلى الجماعة كنت في سعة ، ولكنا أجبرنا على الجماعة فلا إقالة فيها ، لئن نزعت يداً من طاعة أو فرقت جماعة لنضربن الذي فيه عيناك.