إسامة جعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أميراً على سريّة فيها أبو بكر وعمر وعثمان ، فكيف صارت باؤكم تَجُر ، وباء غيركم لا تجر؟!
على أنَّا لو صحَّحنا تلك الأحاديث وسلَّمنا بأن أبا بكر كان أحب الناس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهم لا يسلِّمون بأن الحب يرتبط بالأهلية للخلافة فضلاً عن الأولوية والأفضلية ، وذلك لأنهم رووا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إن الله أمرني بحب أربعة ، وأخبرني أنه يحبّهم. قيل : يا رسول الله سمِّهم لنا. قال : « علي منهم » يقول ذلك ثلاثاً « وأبو ذر والمقداد وسلمان ، أمرني بحبّهم ، وأخبرني أنه يحبهم » (١).
ومع ذلك رووا أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يولِّ أبا ذر إمارة لأنه رجل ضعيف ، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذر ، قال : قلت : يا رسول الله ، ألا تستعملني؟ قال : فضرب بيده على منكبي ، ثم قال : يا أبا ذر ، إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا مَن أخذها بحقّها ، وأدَّى الذي عليه فيها (٢).
ومنها : ما رووه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء (٣).
استدل به على خلافة أبي بكر : الإيجي في المواقف (٤) ، وابن حجر في صواعقه (٥) ، وشارح العقيدة الطحاوية (٦) وغيرهم.
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٦ ح ٣٧١٨ قال الترمذي : هذا حديث حسن. سنن أبن ماجة ١ / ٥٣ ح ١٤٩. المستدرك ٣ / ١٣٠ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٥٦.
(٢) صحيح مسلم ٣ / ١٤٥٧ الإمارة ، ب ٤ ح ١٨٢٥ ، ١٨٢٦.
(٣) سبق تخريجه وبيان مصادره.
(٤) المواقف ، ص ٤٠٧.
(٥) الصواعق المحرقة ١ / ٥٨.