______________________________________________________
البحث الثاني :
قال المصنف : تصدير الحد باللفظ مخرج للخط ، ونحوه مما هو كاللفظ في تأدية المعنى (١).
فنوقش في قوله : مخرج ؛ لأن الجنس لا يؤتى به للإخراج ، فلا يقال في الحيوان الناطق : إنّا أخرجنا بالحيوان ما ليس بحيوان.
والجواب : أن الجنس إذا كان أعم من الفصل مطلقا يذكر لتقييد الذات لا للاحتراز. وأما إذا كان أعم من الفصل من وجه ، فيجوز أن يحترز به. والجنس الذي هو اللفظ هنا أعم من الفصل الذي هو الوضع من وجه ؛ لأن اللفظ قد يوجد بغير وضع كما في المهملات. والوضع قد يوجد بغير لفظ كما في النّصب وغيرها (٢).
فبين الجنس والفصل هنا عموم من وجه فجاز أن يخرج بالجنس ؛ لأنه قد يتصور فيه (٣) أن يكون فصلا بعد جعل الفصل المذكور معه جنسا. فبهذه الحيثية ساغ فيه ذلك.
البحث الثالث :
قد تقدم قول المصنف أنّ المعهود عند إطلاق المصدر مرادا به المفعول استعمال غير المحدود بالتّاء ، قالوا : وقد جاء المصدر المحدود بمعنى المفعول ، قال الله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٤) ، أي : مقبوضته.
والجواب : أن قبضته هنا ليست مصدرا ، وإنما هي اسم أنث بالتاء لوقوعه خبرا عن مؤنث وهو الأرض.
وأما وجهة ، في قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها)(٥) : إن قيل : إنها بمعنى المفعول هنا فغير وارد ؛ لأن التاء فيها ليست للوحدة والمصدر موضوع عليها ، كما في ـ
__________________
(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٤).
(٢) النّصب : جمع نصبة وهي الحال الناطقة بغير اللفظ ، والمشيرة بغير اليد. وذلك ظاهر في خلق السموات والأرض ، بالنسبة إلى وجود الله ، ومن ذلك أيضا : الإشارات والعلامات التي تدل على شيء : كإشارات المرور للسيارات والقطارات ، وقصبة السبق وغير ذلك.
(٣) كلمة : قد ساقطة من نسخة (ب) ، (ج).
(٤) سورة الزمر : ٦٧.
(٥) سورة البقرة : ١٤٨.