______________________________________________________
٧ ـ ألا هل إلى ريّا سبيل وساعة |
|
تكلّمني فيها من الدّهر خاليا [١ / ١٧] |
فأشفي نفسي من تباريح ما بها |
|
فإنّ كلاميها شفاء لما بيا (١) |
فأعمل كلامي في الضّمير». انتهى.
ولا يظهر لي هذا الذي ذكره ؛ فإن الكوفيين لا يمنعون إعمال اسم المصدر ؛ بل لا يعمله إلا هم.
قال ابن عصفور لما ذكر اسم المصدر : «مذهب الكوفيين العمل وعند البصريّين لا يعمل إلا في ضرورة» (٢).
وإذا كان كذلك فكيف يستدل الكوفيون على المصدرية بالعمل؟
وأشكل من ذلك قول الشيخ بهاء الدين مجيبا عن استدلال الكوفيين المذكور : «إنّ اسم المصدر يعمل عمل المصدر بإجماع».
وقد علمت خلاف الفريقين ؛ اللهم إلا أن يقال : كون البصريين أجازوا عمله ـ
__________________
(١) البيتان من بحر الطويل وهما لذي الرمة في ملحقات ديوانه (ص ٦٧٦) إلا إن الذي في الديوان بيت واحد ملفق من هذين البيتين. وفيه ميّ مكان ريّا.
والتباريح : جمع تبريح وهو شدة الشوق.
والشاهد في البيت الثاني : على أن لفظ الكلام مصدر ، بدليل عمله النصب في ضمير الغيبة بعد إضافته إلى ضمير الفاعل ، ورده ناظر الجيش قائلا : إنه اسم مصدر عامل واسم المصدر يعمل في الشعر عند جميع النحاة ، وانظر شرح هذا الموضع بالتفصيل في شرح المفصل لابن يعيش (١ / ٢١) والبيتان في التذييل والتكميل. وفي معجم الشواهد (ص ٤٢٥).
ترجمة ذي الرمة : هو أبو الحارث غيلان بن عقبة عربي أصيل ، أحد فحول الشعراء ، وأحد عشاق العرب المشهورين. وصاحبته مي بنت عاصم وكانت من أجمل النساء فجن بها ذو الرمة وسار شعره فيها. وأخباره كثيرة وله ديوان شعر كبير ، وكتبت فيه كتب وعاش أربعين سنة فقط حيث توفي سنة (١١٧ ه). وللدكتور علي محمد فاخر كتاب كبير يسمى : دراسات نحوية وصرفية في شعر ذي الرمة مطبوع سنة (١٩٩٦ م).
انظر ترجمته في وفيات الأعيان (٤ / ١١) ، الشعر والشعراء (٢ / ٥٣١).
(٢) انظر شرح الجمل لابن عصفور (٢ / ١١٩) يقول : «فأمّا الاسم الّذي في معنى المصدر فلا يعمل إلّا حيث سمع وذلك في مثل قول الشّاعر :
أكفرا بعد رد الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا» |
ثم قال : «وأهل الكوفيّين يجيزون ذلك ويجعلونه مقيسا وهذا خطأ عندنا ؛ لأنّه لم يكثر كثرة توجب القياس» ، وانظر المذهبين في الهمع : (١ / ٩٥).