______________________________________________________
وزمن الإخبار [١ / ٢٩] وهو الحال ، ولنا حاجة إلى الدلالة على الزمان المعين ؛ فاشتق من الألفاظ الدالة على هذه المعاني صيغ تفيد المعنى الذي تفيده تلك. ويفيد مع ذلك زمانا معينا ، ولزم أن تكون ثلاثة ألفاظ بحسب الزمان.
وسميت الألفاظ المشتقة أفعالا ، وأما الألفاظ المشتق منها فسميت أحداثا ومصادر ، وقد تسمى أفعالا باعتبار الأصل.
ولو قيل : إنما انقسمت الأفعال إلى ثلاثة لأن دلالة الكلام منحصرة في الطلب والخبر ، فلا بد من صيغ تميز بينهما ، فوضعوا للطلب صيغة الأمر ، والخبر إما عن ماض أو حال أو مستقبل ؛ فوضعوا للأول صيغة الماضي ، وللآخرين صيغة واحدة وهي المضارع ـ لكان أحسن.
وحذا المصنف في ذلك : الماضي أولا ثم الأمر ثم المضارع ، حذو سيبويه ؛ فإنه قال (١) : «وأمّا الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء ، فبنيت لما مضى ، ولما يكون ولم يقع ، ولما هو كائن لم ينقطع» (٢).
ومثل للأول بذهب ، والثاني باذهب ويذهب ، ثم بيّن أن يذهب وشبهه يراد به الحال أيضا.
قال المصنف : «وكأنّ سيبويه لحظ في هذا التّرتيب أنّ المضارع لا يخلو من زيادة ، وأن الماضي والأمر يخلوان منها كثيرا ، والمتجرد من الزّيادة متقدم على المتلبس بها ؛ فقدّم ما له من التجرد نصيب على ما لا نصيب له فيه ، وتجرد الماضي أكثر من تجرد الأمر فقدّم عليه» (٣).
وعند الكوفيين أن الأمر مقتطع من المضارع ؛ فإذا تكون القسمة ثنائية (٤).
__________________
(١) انظر : الكتاب (١ / ١٢) (هارون).
(٢) نص سيبويه : وما هو كائن لم ينقطع. وهو أفضل حتّى يصحّ قوله بعد : ومثّل للأول بذهب والثاني باذهب ويذهب (الكتاب : ١ / ١٢).
(٣) انظر شرح التسهيل (١ / ١٥) وقد حذف الشارح الأمثلة لسهولتها.
(٤) انظر المسألة بالتفصيل في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف (٢ / ٥٢٥) تحت عنوان «فعل الأمر معرب أو مبنيّ».
فائدة : قال أبو حيان : «والفعل ينقسم انقسامات غير هذا :
منها انقسامه إلى التعدي واللزوم ، وإلى التصرف والجمود ، وإلى التمام والنّقصان ، وإلى الخاصّ والمشترك