______________________________________________________
زائد على ذلك مطلوب بقاؤه ؛ إذ لا يمتاز أحد النوعين على الآخر إلّا به. والاستقبال لازم للأمرية. فلو انتفى بتبدله انتفت الأمرية ؛ بخلاف الخبرية المستفادة من الماضي والمضارع ؛ فإنها لا تنتفي بتبدل المضي باستقبال ولا الاستقبال بمضي» انتهى وهو كلام جيد.
قال الشيخ (١) بعد نقله هذا الكلام : «قد وجدنا الفعل الدالّ على الخبر خرج عن الخبرية إلى غيرها كما قيل في قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(٢) ، (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ)(٣) : إنه أمر في المعنى. فكذلك كان يكون الأمر يخرج عن الأمرية إلى معنى الخبرية. وقد خرج على ذلك قوله تعالى : (فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا)(٤) أي فيمد. وقال الشاعر :
١١ ـ وكوني بالمكارم ذكّريني |
|
[ودلّي دلّ ماجدة صناع](٥) |
أي تذكريني.
ومقتضى تعليل المصنف : أن كلّا من الأمر والخبر لا يخرج [١ / ٣٤] عن بابه وقد بيّنّا خلاف ذلك. والرجوع في هذا إلى وضع العرب واستعمالها ، فلو استعملت صيغة الأمر في الخبر الذي صيغته ليست مستقبلة تدل على ذلك ، لساغ لها كما استعملت صيغة الخبر الماضي في غير الخبر ، وغير زمانه. وذلك في الدعاء ، نحو : غفر الله لي ؛ فإنه خرج عن الخبر وعن الزمان الماضي بقرينة استعماله في الدعاء. فكذلك كان يسوغ استعمال صيغة الأمر في غير الخبر وفي غير زمانه وهو الاستقبال بقرينة تدلّ عليه»(٦) انتهى.
__________________
(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٨٠).
(٢) سورة البقرة : ٢٢٨.
(٣) سورة البقرة : ٢٣٣.
(٤) سورة مريم : ٧٥.
(٥) البيت : من بحر الوافر قائله كما في معجم الشواهد بعض بني نهشل.
اللغة : دلي : بفتح الدال من باب ضرب وتعب ، يقال : دلت المرأة دلّا ودلالا وتدللت إذا أظهرت المخالفة وليس بها خلاف. الصناع : بزنة كلام ، يقال : امرأة صناع إذا كانت رقيقة اليدين. ومعنى البيت واضح.
ويستشهد به النحاة على وقوع الجملة الطلبية خبرا لكان شذوذا. وسيأتي البيت في باب كان.
واستشهد به أبو حيان هنا على أن الأمر قد يخرج عن الأمرية إلى معنى الخبرية ، فمعنى ذكريني. أي :
تذكرينني وروي البيت برواية أخرى هكذا :
دعي ما ذا علمت سأتقيه |
|
وكوني بالمكارم ذكّريني |
والبيت في التذييل والتكميل (١ / ٨٠) وفي معجم الشواهد (ص ٢٣٢).
(٦) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٨٠) ولم يتصرف الشارح في النقل إلا قليلا لتوضيح أو بيان.