______________________________________________________
وأقول : إن الذي ذكره المصنف لم يبطله الشيخ وإن الذي ذكره الشيخ لم يمنعه المصنف ، وذلك أن الذي قاله المصنف :
«إنّ الاستقبال لازم للأمريّة ؛ فما دامت موجودة فالاستقبال واجب ، وإنّ الاستقبال غير لازم للخبريّة ، وكذا المضي ؛ بل يجوز تبدّل كلّ منهما بالآخر».
وهذا حق لا يمكن إبطاله بوجه.
والذي ذكره الشيخ : أن كلّا من صيغتي الخبر والأمر يجوز أن يخرج عن موضوعه الأصلي إلى غير موضوعه وهو صحيح ، والمصنف لم يمنعه ؛ بل لم يتعرض في هذا الباب إلى ذلك أصلا.
والحاصل : أنهما قسمان ، كما قررناه في الكلام المتقدم ، وقد أدخل الأمر على الشيخ ، فخلط أحد القسمين بالآخر ، وظن أن كلام المصنف غير متجه ، وقد بان لك أن الذي قرره المصنف لا شبهة فيه (١).
غير أنه يتجه على المصنف مؤاخذة. وهي كونه ذكر في هذا الفصل أن الماضي ينصرف إلى الحالي بالإنشاء ، كبعت ، وإلى الاستقبال بالطلب ، كغفر الله لزيد (٢) ؛ لأن مقتضى تقريره المتقدم (٣) لا يورد هنا إلا ما كان فيه معنى الخبر باقيا ، وإنما تغير زمانه فقط. أما ما نقل عن موضوعه الأصلي إلى غيره ، فلا.
ولا شك أن الإنشاء والطلب المدلول عليهما بالماضي ، صارفان لصيغته عن ما وضعت له ؛ لأنه موضوع للخبر ، وهما قسيماه ، فلا يناسب ذكرهما مع القرائن الصارفة للزمان دون معنى الخبر.
وأما قوله في المضارع (٤) : إنه يتخلص للاستقبال باقتضائه طلبا ، فهو وإن كان الاستقبال ـ
__________________
(١) كل من الإمامين نظر إلى الموضوع من ناحية ، فاختلفت وجهة النظر عندهما :
فابن مالك : نظر إلى أن زمن الاستقبال مستفاد من الأمر حتما ، ومن المضارع جوازا ، وزمن الماضي مستفاد من الماضي.
وأبو حيان : نظر إلى الخبر والطلب المستفادين من الأفعال كلها ، إما لفظا ومعنى وإما معنى فقط.
(٢) انظر (ص ٥) من تسهيل الفوائد ، وانظر الصفحات القادمة في هذا الموضوع.
(٣) وهو أن الاستقبال لازم للأمرية ويزول بزوالها ، والخبرية لازمة للماضي والمضارع. ولا تزول بتبديل هذا مكان ذاك.
(٤) انظر (ص ٥) من تسهيل الفوائد ، والصفحات القادمة أيضا في هذا الموضوع.