______________________________________________________
ومن القرائن : نفيه بليس وما وإن :
فمثال نفيه بما في قوله تعالى : (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)(١).
ومثاله بإن في قوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(٢).
ومثاله بليس قول الشاعر :
٢١ ـ فلست وبيت الله أرضى بمثلها |
|
ولكنّ من يمشي سيرضى بما ركب (٣) |
[١ / ٤٠] قال المصنف (٤) : «والأكثرون أيضا على أن النفي بهذه الثلاثة قرينة مخلصة للحال مانعة من إرادة الاستقبال. وليس ذلك بلازم ، بل الأكثر كون النفي بها حالا ، ولا يمتنع كونه مستقبلا ، كما قال حسّان (٥) في وصف الزبير :
٢٢ ـ وما مثله فيهم ولا كان قبله |
|
وليس يكون الدّهر ما دام يذبل (٦) |
أي ما مثله في هذا العصر ، ولا كان فيما مضى ولا يكون فيما يستقبل. وهذا جليّ غير خفي.
ومثله قول الآخر :
٢٣ ـ والمرء ساع لأمر ليس يدركه |
|
والعيش شحّ وإشفاق وتأميل (٧) |
__________________
(١) سورة الأحقاف : ٩.
(٢) سورة الأنبياء : ١٠٩.
(٣) البيت من بحر الطويل لعبد الله بن العباس ، ذكر ذلك صاحب معجم الشواهد وهو من الحكم ومعناه :
إنّ من لم يجد إلّا القليل رضي به. ويستشهد به على أن المضارع يتخلص للحال بدخول ليس عليه.
والبيت في شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٢١) ، والتذييل والتكميل (١ / ٩٣) ومعجم الشواهد (ص ٢٦).
(٤) انظر : شرح التسهيل (١ / ٢٢ ، ٢٣).
(٥) هو حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري وكنيته أبو الوليد ، جاهلي إسلامي وفد على ملوك الغساسنة قبل إسلامه ومدحهم وأجزلوا له العطاء. ثم أسلم ولكنه لم يشهد مع النبي عليهالسلام غزوة ؛ إلا أنه دافع عن الإسلام بشعره وهو القائل في لسانه : ما يسرني به مقول أحد من العرب والله لو وضعته على شعر لحلقه أو على صخر لفلقه. عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام ، ومات في خلافة معاوية. انظر ترجمته في الشعر والشعراء (١ / ٣١١).
(٦) البيت من بحر الطويل من مقطوعة لحسان بن ثابت يمدح بها الزبير بن العوام.
والشاهد في البيت : قوله : وليس يكون وفيه أن المضارع المنفي بليس لا يتخلص للحال بل يكون للاستقبال أيضا.
والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٢) والتذييل والتكميل (١ / ٩٤) ومعجم الشواهد (ص ٢٧٩).
(٧) البيت من بحر البسيط قائله عبدة بن الطبيب وهو يزيد بن عمرو بن وعلة ، شاعر مخضرم أدرك الإسلام فأسلم وشهد مع المثنى بن حارثة قتال هرمز (انظر ترجمته في الشعر والشعراء : ١ / ٧٠٥). والاستشهاد به على ما في البيت قبله ، وسيأتي هذا