______________________________________________________
توجهت عليه المؤاخذة في ثلاثة مواضع من هذا الفصل.
أحدها : قوله في المضارع : إنه يتخلص للاستقبال باقتضائه طلبا (١).
الثاني : ما ذكره هنا من انصراف الماضي إلى الحال بالإنشاء (٢).
وذكر أنه ينصرف إلى الاستقبال بأمور منها :
الطلب (٣) : نحو : غفر الله لي ونصر الله المسلمين وخذل الكافرين وعزمت عليك إلّا فعلت ولمّا فعلت ، ومن كلامهم : «اتّقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» هذه مثل المصنف. قال : فغفر وما يليها دعاء ، وإلا فعلت ولما فعلت معناه إلا أن تفعل ، ومعنى اتقى : ليتق. ولذلك جزم يثب ، انتهى (٤) [١ / ٤٧] وهذا هو الموضع الثالث من مواضع المؤاخذة (٥).
ثم في كون الماضي في : إلا فعلت ولما فعلت يقتضي طلبا نظر ، ولا يلزم من كون معناه إلا أن تفعل الدلالة على الطلب الصناعي ، اللهم إلا أن يريد أن الفعل المذكور بعد إلا ولما في هذا التركيب مطلوب للمخاطب ، فيكون ذلك طلبا معنويّا لم يستفد من الفعل فقط ، إنما استفيد من الكلام بمجموعه.
ومنها : الوعد : نحو : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ)(٦) وكذا : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها)(٧) ، ويمكن أن يقال في (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ :) إنه ليس وعدا وإن الإعطاء قد حصل فليس نظير (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها.)
ومنها : عطفه على ما علم استقباله ؛ كقوله تعالى : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ)(٨) ، (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ)(٩) أي فيوردهم ويفزع.
ومنها : نفيه بلا وإن بعد القسم : فمثال إن قوله تعالى : (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ)(١٠) أي ما يمسكهما. ـ
__________________
(١) انظر ما مضى من هذا التحقيق ، وقد مثل له بقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ) [البقرة : ٢٣٣].
(٢) ومثاله : بعت واشتريت عند إيقاع ذلك.
(٣) هذا هو الموضع الثالث من مواضع المؤاخذة كما سيبينه.
(٤) انظر شرح التسهيل : (١ / ٣٠).
(٥) كلمة مواضع في الأصل فقط.
(٦) سورة الكوثر : ١.
(٧) سورة الزمر : ٦٩.
(٨) سورة هود : ٩٨.
(٩) سورة النمل : ٨٧. (١٠) سورة فاطر : ٤١.