______________________________________________________
والمرفوع نحو أن تقول : لا تعن بالجفاء ومدح عمرو (١) ، ولا تعن بالجفاء مادحا عمرا ، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو.
فقد ظهر بهذا تفاوت ما بين سببي إعراب الاسم وإعراب الفعل في القوة والضعف ؛ فلذا جعل الاسم أصلا والفعل المضارع فرعا فهذا كلام المصنف. وهو جيد (٢).
وإذا تقرر ذلك فقوله : وهو أي الإعراب أصل في الاسم لوجوب قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة وهي الفاعلية والمفعولية والإضافة.
وقوله : والفعل والحرف ليسا كذلك أي. ليس الإعراب فيهما أصلا ؛ بمعنى أنهما لا يستحقانه ؛ لأنهما لا يجب أن يقبلا بصيغة واحدة معاني مختلفة. ونفي وجوب قبولهما لذلك تحته أمران :
أحدهما : نفي القبول من أصله كما في الحرف والفعل الماضي وفعل الأمر ؛ فهذه (٣) لا مدخل للإعراب فيها البتة ؛ إذ لا مقتضى له في شيء منها.
الثاني : نفي الوجوب بخصوصه ؛ فلا ينتفي أصل القبول كما في الفعل المضارع ؛ فإنه يقبل بصيغته الواحدة عدة معان كما تقدم ؛ لكن قبوله لذلك ليس واجبا بل جائزا ؛ لأنه قد يقع اسم مكانه ويفيد إفادته فيستغنى عن الفعل بخلاف الاسم ؛ إذ لا يتأتى ذلك فيه ؛ ومن حيث كان ذلك القبول واجبا في الاسم جائزا في الفعل المضارع ، جعل الإعراب في الاسم أصلا وفي الفعل فرعا (٤).
ولما كان قوله : والفعل والحرف ليسا كذلك محتملا لنفي القبول من أصله قال : فبنيا.
أي كما أن الاسم استحق الإعراب للقبول استحق الفعل والحرف البناء لعدم القبول. ـ
__________________
(١) بجر مدح عطفا على الجفاء ، ويكون المراد النهي عنهما.
(٢) انظر : شرح التسهيل (١ / ٣٤ ، ٣٥).
(٣) الإشارة إلى الحرف والفعل الماضي وفعل الأمر ، والمعنى : فهذه الأشياء.
(٤) هذا مذهب البصريين. وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء والأفعال معا (انظر البحث الثاني من الأبحاث التي سيذكرها الشارح آخر هذا الحديث).
وانظر المسألة بالتفصيل وحجة كل من الفريقين في التذييل والتكميل (١ / ١٢١ ـ ١٢٣) ، والهمع : (١ / ١٥) ، قال أبو حيان : وهذا من الخلاف الذي ليس فيه كبير منفعة (ارتشاف الضرب ١ / ٤١٣) تحقيق د / مصطفى النماس (١٩٨٤ م).
وقال ناظر الجيش : ومثل هذا ينبغي ألّا يتشاغل به. ولم يذكر هذه المسألة صاحب الإنصاف.