______________________________________________________
وأجيب عن هذا : بأنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما بني لقيام المانع (١) كأين وكيف فحركوه وصلا وبين ما بني لعدم المقتضى كسين وقاف وصاد فسكنوه وصلا ؛ لأن ما بني لعدم المقتضى أضعف مما بني لقيام المانع فناسبه استمرار السكون حال الوصل.
والثاني : أنها معربة وهو رأي الزمخشري (٢) وجنح المصنف إليه ، وعلل بأنه لم يكن ثم موجب للبناء ، فوجب الحكم بأنها معربة لقبولها الإعراب.
قالوا : ولا يلزم من عدم الإعراب لفظا عدمه حكما. ولو لزم ذلك لم يعل في الإفراد فتى ونحوه ؛ لأن سبب الإعلال في مثله فتح ما قبل آخره مع تحركه أو تقدير تحركه (٣) ، ولكان الموقوف عليه مبنيّا ، وكذا المحكي والمتبع (٤).
ولك أن تقول : إن عنى بكونها معربة أنه لا مانع يمنع من إعرابها حال التركيب [١ / ٥٩] فصحيح ، وإن عنى بها أنها الآن معربة فغير ظاهر ؛ إذ الإعراب دون تركيب ممتنع.
والجواب عما ألزموا به من إعلال فتى ونحوه أن يقال :
إنه ركب فأعل ثم استمر له حال إفراده ما له حال تركيبه.
أو يقال : إنه قدر بحركة حال الإفراد ، فجعل للمقدر حكم الموجود فأعل.
وأما الموقوف عليه والمحكي والمتبع فالعوامل التي معها توجب الحكم عليها بالإعراب ، بخلاف الأسماء المبهمة ؛ إذ لا عامل معها يوجب ذلك.
القول الثالث : أنها ليست معربة ولا مبنية.
أما عدم إعرابها : فلأنها لم تركب مع عامل ، وشرط الإعراب التركيب.
أما عدم بنائها : فلسكون آخرها وصلا بعد ساكن ، وليس في المبنيات ما هو كذلك. ـ
__________________
(١) أي من الإعراب ، والمانع من إعراب أين وكيف هو الشبه المعنوي ؛ حيث أشبها الهمزة في إفادتهما الاستفهام مثلها. وكان حقهما البناء على السكون لأصالته في البناء ، ثم حركا لالتقاء الساكنين ، بخلاف ما ذكره من سين وقاف فحقه الإعراب.
(٢) انظر تفسيره المسمى بالكشاف (١ / ٨٠) (طبعة مصطفى الحلبي ، سنة ١٩٧٣).
(٣) معناه أن فتى ـ وكذا ما ذكره ـ معرب بحركة مقدرة ولو كان مبنيّا وسيكون البناء على السكون لم يكن ثم داع للإعلال ، لأن إعلال مثله مشروط بتحرك حرف العلة وانفتاح ما قبله ، كما في فتى المعرب وليس في فتى المبني.
(٤) انظر شرح التسهيل (١ / ٣٨ ، ٣٩) وهو آخر كلام ابن مالك في هذا الموضع وما بعده من كلام الشارح.