______________________________________________________
أما الكسر : فقد اختلف في علته فقيل : كسرت للفرق بينهما وبين نون الجمع ، وقيل : لالتقاء الساكنين ، ونسب كلّ منهما إلى سيبويه (١) والقول الثاني أقرب.
وأما الفتح : فاستشهد له بما أنشده الفراء (٢) من قول حميد بن ثور (٣) :
٩٠ ـ على أحوذيّين استقلّت عشيّة |
|
فما هي إلّا لمحة وتغيب (٤) |
وبقول الآخر :
٩١ ـ يا ربّ خال لك من عرينه |
|
حجّ على قليّص جوينه |
فسوته لا تنقضي شهرينه |
__________________
ذلك السيوطي في الهمع فقال : «الشائع في هذه النون الكسر في المثنّى والفتح في الجمع ؛ وإنما حرّك لالتقاء السّاكنين وخولف بينهما للفرق ، وخص كلّ بما فيه لخفة المثنى وثقل الكسر وثقل الجمع وخفة الفتح فعودل بينهما ، وورد العكس وهو فتحها مع المثنى وكسرها مع الجمع ، فقيل : هو لغة ، وقيل : فتح نون المثنى لغة وكسر نون الجمع ضرورة ...
وقال ابن جني : ومن العرب من يضم النّون في المثنّى وهو من الشّذوذ بحيث لا يقاس عليه» (الهمع : ١ / ٤٩).
(١) قال سيبويه (الكتاب : ١ / ١٨) : إذا جمعت على حدّ التّثنية لحقتها زائدتان : الأولى منهما حرف المدّ واللّين ، والثّانية نون. وحال الأولى في السّكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب حال الأولى في التّثنية ؛ إلا أنّها واو مضموم ما قبلها في الرفع وفي الجر والنصب ياء مكسور ما قبلها ونونها مفتوح فرقوا بينها وبين نون الاثنين.
(٢) قال الفراء في كتابه معاني القرآن : (٢ / ٤٢٣): «قال الكسائي : سمعت من العرب ما هيّ إلّا ضربة من الأسد فيحطم ظهره وفيحطم قال : وأنشدني الأسدي : «على أحوذيين .... إلخ».
(٣) هو حميد بن ثور بن عبد الله الهلالي أحد الشعراء المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام وقيل : إنه قد رأى النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذكر ياقوت عن ابن منده : أن حميدا قد أسلم وأتى النبي وأنشده بعض شعره مادحا له ، ومن أخباره أنه لما منع عمر بن الخطاب الشعراء في عهده من التشبيب بالنساء ، قال حميد من قصيدة له :
فهل أنا إن علّلت نفسي بسرحة |
|
من السّرح مسدود عليّ طريق |
كنى عن المرأة بالسرحة. وقال الأصمعي : «الفصحاء من شعراء العرب أربعة في الإسلام : راعي الإبل النميريّ ، وتميم بن معقل ، وابن أحمر ، وحميد بن ثور». توفي في خلافة عثمان رضياللهعنه. وله ديوان شعر صغير مطبوع متداول. انظر ترجمته في الشعر والشعراء (١ / ٣٩٧). معجم الأدباء (١١ / ٨).
(٤) البيت من بحر الطويل من قصيدة طويلة في الوصف لحميد بن ثور الهلالي في ديوانه (ص ٥٥).
اللغة : أحوذيين : جناحين. استقلت : ارتفعت في الهواء. عشية : ما بين الزوال إلى المغرب.
والبيت شاهد على : فتح نون المثنى والقياس كسرها وهذا ليس بضرورة بل هو لغة لبني أسد. وانظر البيت في شرح التسهيل (١ / ٦٢) ، والتذييل والتكميل (١ / ٢٣٨). ومعجم الشواهد (ص ٣٨).