______________________________________________________
١٠٩ ـ كلاهما حين جدّ الجري بينهما |
|
قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي (١) |
وكونهما مفردي اللفظ مثنيي المعنى أعربا إعراب المفرد في موضع وإعراب المثنى في موضع إلا أن آخرهما معتل ؛ فلم يلق بهما من إعراب المفرد إلا المقدر فجعل ذلك لهما مضافين إلى ظاهر ؛ ليتخلص من اجتماع إعرابي تثنية في شيئين (٢) كشيء واحد وجعل الآخر لهما مضافين إلى المضمر ؛ لأن المحذور (٣) إذ ذاك مأمون.
وقد أجرته كنانة مجرى المثنى مع الظاهر أيضا : فيقولون : جاء كلا أخويك ، ورأيت كلي أخويك ، ومررت بكلي أخويك.
وبهذه اللغة التي رواها الفراء معزوة إلى كنانة (٤) يتبين صحة قول من جعل كلا من المعرب [١ / ٨٧] بحرف لا بحركة مقدرة. فإن القائل : إن كلا معرب بحركة مقدرة يزعم أن انقلاب ألفه ياء مع المضمر هو كانقلاب ألف لدى وإلى وعلى ، ولو كان الأمر كما قال لامتنع انقلاب ألفها مع الظاهر في لغة كنانة كما يمتنع عندهم وعند غيرهم انقلاب ألف لدى وإلى وعلى مع الظاهر ، على أن مناسبة كلا للمثنى أقوى من مناسبته للدى وعلى وإلى. ومراعاة أقوى المناسبتين أولى من مراعاة أضعفهما. وأيضا فإن تغير ألف كلا حادث عن تغير عامل وتغير ألف لدى وإلى ـ
__________________
(١) البيت من بحر البسيط قاله الفرزدق : ديوانه (١ / ٣٤) مطبعة الصاوي نشر المكتبة التجارية ، وليس في طبعة بيروت المشهورة ؛ وذلك لأن محقق الديوان ذكر في مقدمته أنه حذف أبيات الهجاء الفاحشة.
قال صاحب الدرر (١ / ١٧) : الضمير في كلاهما ... إلخ لعضيدة بنت جرير وزوجها الأبلق ولم يصب من جعله لفرسين لأن الشعر للفرزدق يعير به جريرا بتزويج ابنته للأبلق.
وشاهده : عود الضمير من خبر كلا إليها مرة مثنى مراعاة لمعناها ومرة مفردا مراعاة للفظها ؛ ومثله قول الأسود بن يعفر (من الكامل).
إنّ المنية والحتوف كلاهما |
|
يوفي المخارم يرقبان سوادي |
وبيت الشاهد في شرح التسهيل (١ / ٦٧) ومعجم الشواهد (ص ٦٢).
(٢) هما المضاف : (كلا وكلتا) والمضاف إليه : (الاسم الظاهر بعدهما).
(٣) وهو اجتماع إعرابي تثنية في شيئين كشيء واحد.
(٤) قال السيوطي في الهمع (١ / ٤١) : بعد أن حكى اللغة المشهورة في إعراب كلا وكلتا : وبعض العرب يجريهما مع الظاهر مجراهما مع المضمر في الإعراب بالحرفين وعزاها الفراء إلى كنانة ، وبعضهم يجريهما معهما بالألف مطلقا. وانظر أيضا التذييل والتكميل (١ / ٢٥٩).