______________________________________________________
ثم إن الشيخ جعل اختيار المصنف غير مذهب البصريين وغير مذهب الكوفيين ؛ لأنه وإن وافق البصريين في كونهما مفردي اللفظ مثنيي المعنى ، فقد خالفهم في جعلهما معربين بالحروف حال الإضافة إلى المضمر. وإن وافق الكوفيين في كونهما معربين بالحروف فقد خالفهم في الحكم عليهما بالإفراد لفظا (١) [١ / ٨٨].
واعلم أن لام كلا واو قلبت تاء في كلتا عند سيبويه ، فألفها عنده للتأنيث ، والتاء بدل من لام الكلمة ، والأصل كلوى (٢). وعللوا إبدالها تاء بأن في التاء علم التأنيث ، والألف في كلتا قد تصير ياء مع المضمر ، فتخرج من علم التأنيث فصار في إبدال الواو تاء تأكيد للتأنيث.
وقال الجرمي : «التّاء ملحقة والألف لام الكلمة ووزنها عنده فعتل» (٣).
وردّ قوله بأنهم يقولون في النسبة إليه : كلوي فيسقطون التاء فدل ذلك على أنها كتاء أخت حيث قالوا فيها : أخوي. ولو كان الأمر كما قال الجرمي لقالوا فيها كلتوي.
قال الشيخ : «الذي يقطع ببطلان مذهب المصنف في دعواه أن كلا وكلتا معربان بالحروف مع أنهما مفردان في اللفظ ، أنه كان يلزم على قوله قلب ألفهما ـ
__________________
(١) فتلخص أن المذاهب في معنى وإعراب كلا وكلتا ثلاثة :
مذهب البصريين : أن كلا وكلتا مفردان لفظا مثنيان معنى ، وأنهما يعربان في كل الأحوال بحركات مقدرة كالمقصور ، وأما انقلاب ألفهما في حالتي النصب والجر مع المضمر فلأنها أشبهت ألف لدى وعلى التي تنقلب ياء أيضا في هاتين الحالتين.
مذهب الكوفيين : أنهما مثنيان لفظا ومعنى وأنهما يعربان بالحروف عند الإضافة إلى المضمر ، وبالحركات عند الإضافة إلى الظاهر.
مذهب ابن مالك : أنهما مفردان لفظا مثنيان معنى (مذهب البصريين) وأنهما يعربان بالحروف عند الإضافة إلى المضمر وبالحركات عند الإضافة إلى الظاهر (مذهب الكوفيين) وهذا المذهب هو المشهور وهو الذي يسير عليه النحاة والمعربون. وحاول إبطاله أبو حيان (التذييل والتكميل : ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٧) ولكن هل يستطيع أحد أن يطفئ نور الشمس؟
(٢) انظر الكتاب : (٣ / ٣٦٤) وفيه يقول : «ومن قال : رأيت كلتا أختيك فإنّه يجعل الألف ألف تأنيث فإن سمّى بها شيئا لم يصرفه في معرفة ولا نكرة وصارت التاء بمنزلة الواو في شروى».
(٣) قال في الهمع (١ / ٤١) في حديث عن التاء : «وذهب بعضهم إلى أنّ التاء زائدة للتأنيث بدليل حذفها في النسب وقولهم كلوي كما يقال في أخت أخوي وردّ بأن تاء التأنيث لا تقع حشوا ولا بعد ساكن غير ألف. وذهب آخرون إلى أنّها زائدة للإلحاق والألف لام الكلمة وعليه الجرمي».