______________________________________________________
فإن الأفواه غير مضافة في اللفظ وهي في المعنى مضافة ، والتقدير : كفاغرين أفواههما يعني أسدين فاتحين أفواههما عند عرينهما ذابين عن أشبالهما.
وقوله : إلى متضمنيهما إعلام بأن المضافين جزآن مما أضيفا إليه.
وبقي شرط آخر (١) لم يذكره المصنف وهو : ألا يكون لكل من المضاف إليهما من المضاف إلا شيء واحد ؛ إذ لو كان أكثر لالتبس حال الجمع ؛ فإنه لو قيل قطعت آذان الزيدين يريد أذنيهما لم يجز لأجل اللبس.
فأما قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) فقد أجيب عنه بأن المراد أيمانهما. قالوا : وكذلك قرأ ابن مسعود (٣) رضياللهعنه (٤). والظاهر أن المصنف لا يشترط ذلك ؛ فإنه قال : ولما استقر التعبير عن الاثنين بلفظ الجمع عند وجود الشرط المذكور صارت إرادة الجمع به متوقفة على دليل من خارج. ولذلك انعقد الإجماع على أن لا يقطع في السرقة إلا يد من السارق ويد من السارقة. فلو قصد قاصد الإخبار عن يدي كل واحد من رجلين ، لم يكتف بلفظ الجمع ، بل يضم إليه قرينة تزيل توهم غير مقصوده ، كقوله : قطعت أيديهما الأربع (٥). ـ
__________________
(١) الشرط الأول هو ما ذكره من كون المضاف جزءا من المضاف إليه ، كما سيمثل برأس شاتين ، فإن لم يكن جزءا كالثوب والدرهم فإن له حكما آخر سيأتي قريبا.
(٢) سورة المائدة : ٣٨. ووجه الاعتراض بهذه الآية على أنه لا يجمع المضاف إلى المثنى مما تضمنه إلا بشرط هو : ألا يكون لكل من المضاف إليهما من المضاف إلا شيء واحد ، وهنا لكل من السارق والسارقة يدان فكيف جمع؟
وأجيب بأن المراد قطع اليمين من كل واحد كما فصلته الشريعة بعد ذلك بالقول والفعل. وقد أشار المصنف إلى ذلك ، كما سيأتي ، وقد بينه الشارح أيضا.
(٣) هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي أبو عبد الرحمن ، صحابيّ جليل ومن أكابر الصحابة فضلا وعقلا وقربا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو من أهل مكة ومن السابقين في الإسلام وأول من جهر بقراءة القرآن في مكة. كان خادم رسول الله الأمين وصاحب سره ورفيقه في حله وترحاله ، وروى عنه عددا كبيرا من الأحاديث بلغت ٨٤٨ حديثا. وتعد قراءته من الشواذ. تولى بعد وفاة الرسول بيت مال الكوفة ، له خطب ومختارات في البيان والتبيين للجاحظ ، توفي في خلافة عثمان سنة ٣٢ ه.
انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي (٤ / ٢٨٠).
(٤) انظر القراءة المذكورة في : معاني القرآن للفراء (١ / ٣٠٦) وشرح المفصل (٤ / ١٥٥) والهمع (١ / ١٧٣).
(٥) انظر نص ذلك في شرح التسهيل لابن مالك : (١ / ١١٧).