______________________________________________________
رحمهالله تعالى ، من أن المعارف كلها مستوية الرتبة ، فلا يصح أن يقال : هذا أعرف من هذا ؛ لأن المعرفة لا تتفاضل. ولا يصح أن يقال : عرفت هذا أكثر من هذا ؛ لأنه يكون في حق المرجوح المعرفة جهلا ؛ فالذي أشار إليه ابن حزم وإن كان صحيحا في نفسه هو غير ما أراده أهل الصناعة النحوية (١).
ثم إن المنادى والموصول لم يخصا بالذكر عند التعرض لذكر التفاضل بين المعارف :
أما على رأي من لا يعدهما قسمين برأسيهما فظاهر ، وأما على رأي من يعدهما كالمصنف ، فلأنه جعل المنادى في رتبة المشار إليه ، والموصول في رتبة ذي الأداة ؛
فعلى هذا إنما يذكر التفاضل بين الخمسة الباقية وهي :
المضمر ، والعلم ، والمشار به ، وذو الأداة (٢) ، والمضاف إلى أحدهما.
واعلم أنه ما من شيء من المعارف المذكورة إلا قيل إنه أعرف من بقيتها إلا المضاف. وسببه أن المضاف إنما يكتسب التعريف من الذي أضيف إليه ، فلا يمكن جعله أعرف مما اكتسب منه التعريف.
إذا تقرر هذا : فقيل : المضمر أعرفها ، وعلى ذلك الجمهور وهو مذهب سيبويه ، وقيل : العلم أعرفها ، وعزي إلى الكوفيين والصيمري (٣) ، وقيل : اسم الإشارة أعرفها ، ونسب إلى ابن السراج ، وقيل : المعرف بأل أعرفها.
والأصح : أن الضمير أعرفها ، ثم يليه العلم ، ثم اسم الإشارة ، ثم ذو الأداة ، وهذا هو الذي أورده المصنف. وقد تقدم أن المنادى في رتبة المشار به ؛ وأن الموصول ـ
__________________
والمؤلفين والعلماء. من مؤلفاته : طوق الحمامة في الأدب ، وجمهرة الأنساب في التراجم ، وغير ذلك من الكتب ، وتوفي سنة (٤٥٦ ه) ، ترجمته في الأعلام (٥ / ٥٩).
(١) الهمع (١ / ٥٥).
(٢) ويدخل في المشار به وفي مرتبته : المنادى ، كما يدخل الموصول في ذي الأداة ويكون في مرتبته.
(٣) هو عبد الله بن علي بن إسحق الصيمري النحوي أبو محمد ، قال السيوطي : له التبصرة في النحو ، وهو كتاب جليل أكثر ما يشتغل به أهل المغرب. وقال : أكثر أبو حيان من النقل عنه. انظر ترجمته وأخباره في بغية الوعاة (٢ / ٤٩). وكتاب التبصرة المذكور طبع في دار الفكر بدمشق سنة (١٩٨٢ م) بتحقيق الدكتور فتحي أحمد مصطفى علي الدين (جزآن في مجلدين). وانظر رأي الصيمري في أعرف المعارف ، كتابه المذكور (١ / ٩٥ ، ١٧٢).