______________________________________________________
لا يعرفان بمجرد هذا اللفظ المعطوف من المعطوف عليه ما لم يعضد اللفظ بمواجهة أو نحوها ؛ بخلاف قولك : للكبير منكما مبرّة بل للصّغير أو بالعكس ، أو تقول : للّذي سبق منكما مبرّة ، بل للّذي تأخّر ، فإنهما لا يرتابان في مراده بالأول والثاني فقد عرض لذي الأداة والموصول ما جعلهما فائقين في الوضوح لضمير الحاضر.
وكذلك يعرض للعلم ما يجعله أعرف من ضمير المتكلم [١ / ١٢٩] كقول من شهر باسم لا شركة فيه لمن قال له : من أنت؟ أنا فلان ، ومنه قوله تعالى : (أَنَا يُوسُفُ)(١) فالبيان لم يستفد بأنا بل بالعلم بعده.
وقد يعرض للموصول مثل ما عرض للعلم ، كقول من شهر بفعل لا شركة فيه لمن قال له : من أنت؟ أنا الذي فعل كذا. ومن هذا القبيل سلام الله على من أنزل عليه القرآن ، وعلى من سجدت له الملائكة. ومنه : وا من حفر بئر زمزماه» انتهى (٢).
وفيما ذكره نظر ؛ وذلك أن ضمير المخاطب إنما يدل على معناه بالمواجهة. وقول المصنف : ما لم يعضد اللفظ بمواجهة ، يدل على أن المواجهة في إيراد المثال الذي ذكره مفقودة ، وإذا فقدت المواجهة فقد الخطاب ، وإذا فقد الخطاب فقدت دلالة اللفظ على ما يقصد به.
ولا شك أن قولنا للكبير أو للصغير أو للذي سبق أو تأخر ، يتطرق إليه من الاحتمال ما لا يتطرق إلى الضمير في قولنا : لك بل لك إذا حصلت المواجهة من المتكلم للمخاطب ، فكيف يكون ما يتطرق إليه الاحتمال أعرف من الذي لا يتطرق إليه احتمال ، أو يكون النظر إليه أقل ، فلم يظهر أن ذا الأداة والموصول فاقا ضمير الحضور في الوضوح.
وأما قوله : إن العلم قد يكون أعرف من ضمير المتكلم كقول القائل : أنا فلان ـ فغير ظاهر ، وذلك أن العلم لم يذكر بعد الضمير للإيضاح ؛ لأن دلالة الضمير على ـ
__________________
وامرؤ القيس يصف فرسه بالقوة وأنه يشبه في عدوه تيس ظباء ظهرت له عقاب من أعالي الجبل ، فخاف وذعر واشتد في الجري.
والشاهد فيه : كما في البيت السابق.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٩٦) ، وهو في التذييل والتكميل (٢ / ١١٨).
(١) سورة يوسف : ٩٠.
(٢) شرح التسهيل (١ / ١١٧).