______________________________________________________
العاقلات ففعلن وشبهه أولى من فعلت وشبهه. قال الله تعالى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(١) ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم :«استوصوا بالنّساء خيرا فإنّهنّ عوان بينكم» (٢).
قال المصنف (٣) : «ولو قيل في الكلام موضع (فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فعلت في أنفسها ؛ وموضع فإنهن عوان : فإنّها عوان ، لجاز كقوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ)(٤) فهذا جاء على طهّرت ، ولو جاء على طهّرن لقيل مطهّرات.
ومن استعمال فعلت في ضمير العاقلات قول الشاعر :
١٩٨ ـ وإذا العذارى بالدّخان تلفّعت |
|
واستعجلت نصب القدور فملّت |
درّت بأرزاق العفاة مغالق |
|
بيديّ من قمع العشار الجلّة (٥) |
وإنما قال : والعاقلات مطلقا ليشمل ما كان للكثرة والقلة فلا فرق بينهما ، بخلاف ما إذا كان الجمع بغير العاقل.
وإلى حكم غير العاقل في القلة ، وحكم العاقلات لكثرة كانت أو قلة ـ الإشارة بقوله : وأقلّه والعاقلات مطلقا بالعكس. ـ
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣٤ ، وقد كتبت الآية خطأ في النسخ حيث كانت : وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ، وصحتها كما ذكرنا.
(٢) الحديث في صحيح مسلم (٤ / ٤١) في باب حجة النبي صلىاللهعليهوسلم. وهو أيضا في صحيح البخاري (٧ / ٢٦) من كتاب النكاح ؛ باب : الوصاة بالنساء.
(٣) شرح التسهيل (١ / ١٣٠).
(٤) سورة البقرة : ٢٥.
(٥) البيتان من بحر الطويل من قصيدة سبق الحديث عنها وعن قائلها.
اللغة : العذارى : جمع عذراء وهي المرأة البكر. تلفّعت : ويروى مكانها تقنعت ، ومعناه اتخذت من الدخان قناعا لها. استعجلت : من الاستعجال. القدور : جمع قدر. ملّت : معناه أدخلت اللحم في الرماد الحار. والبيت كله كناية عن اشتداد الزمان. درّت : من الدر ويكون في اللبن وغيره.
العفاة : جمع عاف وهو السائل. مغالق : مفاتيح. قمع : جمع قمعاء وهي الناقة التي لها سنام كبير.
العشار : جمع عشراء ، وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر. الجلّة : العظيمة.
والمعنى : يفتخر الشاعر بكرمه فيقول : «إذا اشتد الزمان وجاع الناس وامتهنت الحرائر ، فإنني أقوم بذبح النوق العظيمة وأوزعها على الناس».
وشاهده : استعمال فعلن في ضمير العاقلات ؛ والأفصح لو قال الشاعر تلفعن واستعجلن.
والبيت في شرح التسهيل (١ / ١٣٠) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ١٥٧) ، وفي معجم الشواهد (ص ٧٥).