______________________________________________________
قال : «لأن الكسر يلحق الفعل مع ياء المخاطبة لحاقا هو أثبت من لحاق الكسر لأجل ياء المتكلم ؛ لأن ياء المتكلم فضلة فهي في تقدير الانفصال بخلاف ياء المخاطبة فإنها عمدة ، ولأن ياء المتكلم قد يغني عنها الكسرة التي قبلها ثم يوقف على المكسورة بالسكون نحو : (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)(١) وياء المخاطبة لا يعرض لها ذلك» (٢).
قال : «وإنما سميت نون وقاية لأنها وقت محذورين في فعل الأمر لو اتصل بالياء دونها : أحدهما : «التباس ياء المتكلم بياء المخاطبة». والثاني : «التباس أمر المذكر بأمر المؤنثة» (٣). فلما صحبت النون الياء مع فعل الأمر صحبتها مع أخويه ومع اسم الفاعل وجوبا ؛ ليدل لحاقها على نصب الياء ، ولحقت إن وأخواتها جوازا لشبهها بالأفعال» (٤).
قال : «وقد يقال : إن لحاقها المضارع أصل ، وذلك أنها صانته عن خفاء الإعراب وتوهم صيرورته مبنيّا (٥) ، فاحترز بالنون من ذلك كما احترز منه حين اتصل بالمضارع ألف الضمير وواوه وياؤه. فجيء بالنون بعدهن نائبة عن الضمة ، ولم يحتج إلى ذلك في نحو غلامي ، بل اكتفي بتقدير الإعراب لأصالته فيه ، فلا يذهب الوهم إلى زواله دون سبب جلي» (٦).
ثم قال : «وقد يؤيد اعتبار وقاية الفعل من الكسر بأن الكسر الذي وقيه الفعل إنما ـ
__________________
(١) سورة الفجر : ١٥ وفيها حذف ياءين واكتفي بالكسرة قبلهما.
(٢) شرح التسهيل (١ / ١٣٥).
(٣) معناه أنك إذا قلت : اضربي ـ دون نون وقاية ، ومعناه أمر المخاطب أن يضربك ـ اضربني ـ فإنه يلتبس بأمر المؤنثة لأن الصيغة واحدة فيهما ، ويتبع ذلك أيضا التباس ياء المتكلم بياء المخاطبة ، وحين تلحق النون أحد الفعلين زال الالتباس.
(٤) المرجع السابق. وعلل أبو حيان الجواز بقوله : «وإنما لحقت نون الوقاية لإن وأخواتها ؛ لأنها لمّا عملت عمل الفعل أجريت مجراه في لحاق نون الوقاية تكميلا للشبه. وإنما جاز حذفها فيما عدا ليت لأنّ لحاقها لهن أضعف من لحاقها للفعل إذ هي محمولة على الفعل ولاجتماع الأمثال في إنّ وأخواتها والمتقاربات في لعل ، ولأنها طرف والطرف يسرع إليه الإعلال» (التذييل والتكميل : ١ / ٤٥٣).
(٥) أي حين يقال في محمد يكرمني : محمد يكرمي.
(٦) شرح التسهيل (١ / ١٣٥).