______________________________________________________
وإذا كان معمول اسم الفاعل ضميرا متصلا لم يثبت فيه نون ولا تنوين ، وقد يثبتان في الضرورة نحو قوله : «وما أدري وظنّي» البيت المتقدم الإنشاد ، ونحو قول الآخر :
٢١٥ ـ ولم يرتفق والنّاس محتضرونه |
|
جميعا وأيدي المعتفين رواهقه (١) |
ومثال أفعل التفضيل قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «غير الدّجّال أخوفني عليكم» (٢).
قال المصنف (٣) : «لما كان لأفعل التفضيل شبه بالفعل معنى ووزنا ، وخصوصا بفعل التعجب ـ اتصلت به النون المذكورة ، قال : والأصل في الحديث : أخوف مخوّفاتي عليكم ؛ فحذف المضاف إلى الياء وأقيمت هي مقامه ، فاتصل أخوف بالياء معمودة بالنون ، كمل فعل بأسماء الفاعلين المذكورين ، وأفعل على هذا الوجه مصوغة من فعل المفعول كقولهم : «أشغل من ذات النّحيين» (٤) ، و «أزهى من ديك» ، وقوله عليه الصلاة والسّلام : «أخوف ما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّون» (٥).
ويجوز أن يكون من أخاف ؛ لأن صوغ أفعل التفضيل من فعل على أفعل مطرد عند سيبويه ، فيكون المعنى على هذا : غير الدّجّال أشدّ إخافة عليكم من الدّجّال ، ـ
__________________
(١) البيت من بحر الطويل ولم ينسب فيما ورد من مراجع.
وفي البيت ومعناه والشاهد فيه يقول ابن يعيش : الشاهد فيه : الجمع بين النون والمضمر والوجه محتضروه ، يصفه بالبذل والعطاء يقول : غشيه المعتفون وهم السائلون واحتضره الناس للعطاء. فسيبويه يجعل الهاء فيه كناية ، ويزعم أن ذلك من ضرورة الشعر. وكان أبو العباس المبرد يذهب إلى أنها هاء السكت وكان حقها أن تسقط في الوصل ، فاضطر الشاعر ، فأجراها في الوصل مجراها في الوقف ، وحركها لأنها لما ثبتت في الوصل أشبهت هاء الإضمار نحو غلامه. وكلاهما ضعيف والأول أمثل ؛ لأن فيه ضرورة واحدة وفي هذا ضرورتان (شرح المفصل : ٢ / ١٢٥).
وانظر : البيت في التذييل والتكميل (٢ / ١٨٩) ، وفي معجم الشواهد (ص ٢٤٧).
(٢) الحديث في صحيح مسلم في كتاب الفتن (٨ / ١٩٧). وبقيته : «إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كلّ مسلم ...» إلخ.
(٣) شرح التسهيل (١ / ١٣٩).
(٤) مثل من أمثال العرب (مجمع الأمثال : ٢ / ١٨٤) يضرب لمن هو في شغل وفي عمل منهمك.
(٥) نص الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل (٦ / ٤٤١) ... عن أبي الدرداء قال : عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمّة المضلّون».