______________________________________________________
ويجوز أن يكون من باب وصف المعاني على سبيل المبالغة بما يوصف به الأعيان ، كما يقال : شعر شاعر ، وخوف خائف ، وموت مائت ، وعجب عاجب ، ثم يصاغ أفعال باعتبار ذلك المعنى ، فيقال : شعرك أشعر من شعره ، وخوفي أخوف من خوفك ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم (١) : «أشعر كلمة تكلّمت بها العرب كلمة لبيد :
٢١٦ ـ ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل» |
|
[وكلّ نعيم لا محالة زائل](٢) |
ومنه أيضا قول الشاعر :
٢١٧ ـ يداك يد خيرها يرتجى |
|
وأخرى لأعدائها غائظه |
فأمّا الّتي يرتجى خيرها |
|
فأجود جودا من اللّافظه |
وأمّا التي يتّقى شرّها |
|
فنفس العدوّ بها فائظه (٣) |
وتقدير الحديث مسلوكا به هذا السبيل.
خوف غير الدّجّال أخوف خوفي عليكم ؛ فحذف المضاف إلى غير ، وأقيم غير مقامه ، وحذف المضاف إلى الياء ، وأقيمت الياء مقامه ، فاتصل أخوف بالياء ـ
__________________
(١) الحديث في صحيح مسلم (٧ / ٤٩) وقد سبق الاستشهاد به في أول هذا التحقيق وقد روي بروايات مختلفة هناك.
(٢) البيت من بحر الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة العامري ، وقد سبق الاستشهاد به وشاهده هنا واضح من الشرح.
(٣) أبيات ثلاثة من بحر المتقارب ، وهي لطرفة بن العبد يصف فيها ممدوحه بالكرم والشجاعة. والأبيات ليست في ديوان طرفة المحقق (طبعة بيروت).
اللغة : اللّافظة : قيل البحر لأنه يلفظ بكل ما فيه من العنبر والجواهر ، والهاء فيه للمبالغة. وقد فسر بتفسيرات أخرى. فائظة : من فاظت نفسه إذا قاربت الموت ، ومعنى الأبيات واضح.
وشاهده قوله : فأجود جودا ... إلخ ، حيث وصف الجود بالجواد من باب وصف المعاني بما توصف به الأعيان على سبيل المبالغة في الوصف. والبيت في شرح التسهيل (١ / ١٤٠) ، وفي معجم الشواهد (ص ٢٠٧).
ترجمة الشاعر : هو طرفة بن العبد بن سفيان ، شاعر جاهلي له معلقة مشهورة : «لخولة أطلال ببرقة ثهمد» كان في حسب من قومه ، وقد مات أبوه وهو صغير ، فنهب أعمامه ماله كما نهب أخواله مال أمه ، ومن هنا تحدث عن الظلم كثيرا في شعره. وقد مات طرفة بعد العشرين بقليل ، وسبب موته أنه هجا عمرو ابن هند ، ثم ذهب إليه في الحيرة ، فكتب عمرو إلى عامله بالبحرين أن يقتل هذا الشاعر وكان معه خاله المتلمس ، وكان قد ظن الرجلان أن عمرا يكتب لهما بخير ، ففض المتلمس كتابه فنجا من الموت ، أما طرفة فقد قتله عامل البحرين. ترجمته في الشعر والشعراء (١ / ١٩١) ، معجم الشعراء (ص ٥).