______________________________________________________
ولنرجع إلى لفظ الكتاب :
وقوله : وهو إما مصرح بلفظه أي المفسّر ، وذلك نحو : زيد لقيته.
وقوله : أو مستغنى عنه أي مستغنى عن لفظه بحضور معناه في الحس كقوله تعالى : (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي)(١) ، و (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ)(٢) ، أو بحضور معناه في العلم ، كقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(٣) ، ومنه قوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ)(٤) ، (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ)(٥).
وقوله : أو بذكر [١ / ١٧٠] ما هو له جزء أي : أو مستغنى عنه بذكر ما صاحب الضمير جزؤه ، فهذا عائد على صاحب الضمير ، والضمير في له عائد على المذكور ، وذلك كقول الشاعر :
٢٦٠ ـ أماويّ ما يغني الثّراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (٦) |
__________________
(١) سورة يوسف : ٢٦. قال أبو حيان : «الضّمير في (هى) عائد على قوله : (بِأَهْلِكَ سُوءاً) ولمّا كنّت عن نفسها بقوله : (بأهلك) ولم تقل بي ، كنّى هو عنها بضمير الغيبة في قوله (هِيَ راوَدَتْنِي) ولم يخاطبها بقوله : أنت راودتني ، ولا أشار إليها بقوله : هذه راودتني ، كلّ هذا على سبيل الأدب» (التذييل والتكميل : ٢ / ٢٥٣).
(٢) سورة القصص : ٢٦.
(٣) سورة القدر : ١.
(٤) سورة ص : ٣٢.
(٥) سورة فاطر : ٤٥.
(٦) البيت من بحر الطويل من قصيدة لحاتم الطائي ذكر جزءا منها ابن قتيبة في الشعر والشعراء : (١ / ٢٥٣) ، وهي كلها في ديوان حاتم (ص ٥١).
وماوية التي ذكرت في البيت : امرأة شريفة في العرب جاءها الرجال يخطبونها ، ومنهم حاتم الطائي والنابغة ، فطلبت منهم جميعا شعرا يذكرون فيه مناصبهم وأفعالهم ، فعادوا ثم ذهبت إليهم متخفية ، لترى أفعالهم ، فأعجبت بحاتم حين رأته ينصب القدور ويمد الموائد للضيوف والناس ، ثم جاءها حاتم ، وأنشدها هذه القصيدة التي منها بيت الشاهد وفيها يقول (قبل بيت الشاهد) :
أماويّ إنّ المال غاد ورائح |
|
ويبقى من المال الأحاديث والذّكر |
أماويّ إنّي لا أقول لسائل |
|
إذا جاء يوما حلّ في مالنا نزر |
اللغة : الثّراء : الغنى وكثرة المال. حشرجت : الحشرجة تكون عند صعود الروح إلى بارئها وقت الموت.
والمعنى : أن المال لا يفيد في شيء حتى في طول عمر الإنسان ، وهو أقصى أمنيته فلا داعي للشح به. وشاهده واضح من الشرح.
وانظر البيت في شرح التسهيل (١ / ١٥٧) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٢٥٤) ، وفي معجم الشواهد (ص ١٥٠).