______________________________________________________
وقول الآخر :
٢٦٥ ـ وكلّ أناس قاربوا قيد فحلهم |
|
ونحن خلعنا قيده فهو سارب (١) |
أي : قيد فحلنا.
وقوله : أو مصاحب بوجه ما :
قال المصنف : «وقد يستغنى عن ذكر صاحب الضّمير بذكر ما يصاحبه بوجه ما» وذكر لذلك صورا ثلاثا (٢) :
الأولى : الاستغناء بمستلزم عن مستلزم ، ومنه قوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ)(٣). فعفي يستلزم عافيا ؛ فأغنى ذلك عن ذكره ، وأعيدت الهاء من إليه عليه. ومن قول الشاعر [١ / ١٧١] :
٢٦٦ ـ فإنّك والتّأبين عروة بعد ما |
|
دعاك وأيدينا إليه شوارع |
لكالرّجل الحادي وقد تلع الضّحى |
|
وطير المنايا فوقهنّ أواقع (٤) |
__________________
(١) البيت من بحر الطويل من قصيدة في الفخر والعزة للأخنس بن شهاب ، وهي في المفضليات : (١ / ٧٥٠) ، وبعضها في شرح الحماسة (٢ / ٧٢٠).
والشاعر يصف قومه بالعزة ؛ فلا أحد يستطيع أن يتعرض لهم بسوء وهم يتركون فحولهم ترعى في كل مكان دون أن يقيدوها ، بينما غيرهم يقيد فحوله خوفا وجبنا. والسّارب : الذاهب في الأرض.
والشاهد قوله : ونحن خلعنا قيده ؛ حيث عاد الضمير على الفحل وهو نظير المذكور في البيت.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٧) ، وفي التذييل والتكميل.
ترجمة الأخنس : هو الأخنس بن شهاب بن ثمامة التغلبي ، شاعر جاهلي من أشراف تغلب وشجعانها ، حضر وقائع حرب البسوس ، وله فيها شعر ، ويدعى فارس العصا وهي فرسه. توفي نحو (٧٠ ق. ه).
وترجمته في الأعلام (٢ / ٢٥٦).
(٢) انظر في هذه الصور الثلاث : شرح التسهيل (١ / ١٥٨ ، ١٥٩).
(٣) سورة البقرة : ١٧٨.
(٤) البيتان من بحر الطويل لم ينسبا فيما وردا من مراجع ، وهما في الوصف ، وقد أتى كل بيت شاهدا منفردا.
اللغة : التّأبين : من معانيه أن تعيب الإنسان في وجهه ويروى مكانه التأنيب ، وهو من معانيه أيضا.
دعاك : استغاث بك. شوارع : جمع شارعة أي مرتفعة ممتدة. الحادي : من الحداء ، وهو سوق الإبل والغناء لها. تلع الضّحى : أي ارتفع وعلت الشمس. أواقع : جمع واقعة وأصله وواقع فأبدلت الواو همزة.
المعنى : يصف الشاعر رجلا استغاث به عروة فلم يغثه ، بل شمت فيه وتركه يتجرع الموت من أيدي