______________________________________________________
والذين يكنزون أصناف ما يكنز ولا ينفقونها. ومن هذا أيضا قول الشاعر :
٢٦٣ ـ ولو حلفت بين الصّفا أمّ معمر |
|
ومروتها بالله برّت يمينها (١) |
فأعاد الضمير إلى مكة ؛ لأن الصفا جزء منها. وذكر الجزء مغن عن ذكر الكل في بعض الكلام.
ويمكن أن يكون من هذا قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ)(٢) ؛ فيكون الضمير للدنيا وإن لم يجر ذكرها في هذه السورة ؛ لأن ما جرى ذكره بعضها ، والبعض يدل على الكل.
وقوله : أو نظيره أي : ويذكر ما هو نظير لصاحب الضمير ، ومثّلوه بقولهم : عندي درهم ونصفه أي ونصف (٣) درهم آخر ، ومنه قول الشاعر :
٢٦٤ ـ قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا (٤) |
|
إلى حمامتنا أو نصفه فقد (٥) |
أي : ونصف حمام آخر مثله في العدة. ـ
__________________
(١) البيت من بحر الطويل ، ولم ينسب إلى قائل.
اللغة : الصّفا والمروة : من شعائر الله في الأراضي المقدسة ، ويلزم الحاج السعي بينهما. برّت يمينها : صدقت فيها.
قال أبو حيان ردّا على ما ذكره ابن مالك في البيت : «ولا يتعيّن هذا ؛ إذ يحتمل أن يعود الضّمير على الصفا على معنى الصخرة ؛ لأنهما مشتركان في معنى الطواف بهما ، فهما طرفان ينتهى في الطّواف إليهما ، والإضافة تكون بأدنى ملابسة» (التذييل والتكميل : ٢ / ٢٥٥).
والبيت في شرح التسهيل (١ / ١٥٨) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٢٥٥) ، وليس في معجم الشواهد.
(٢) سورة الرحمن : ٢٦.
(٣) سيأتي ما ذكره ابن عصفور في عائد الضمير في هذا القول وأمثاله.
(٤) كلمة لنا سقطت من نسخة الأصل سهوا.
(٥) البيت من بحر البسيط من قصيدة طويلة للنابغة الذبياني يمدح فيها النعمان بن المنذر ، ويعتذر إليه من هجاء ـ أو وشاية ـ هجاه به ، وقد عد بعضهم المعلقات عشرا ، وجعلوا منها قصيدة النابغة هذه ، ومطلعها (وهي في الديوان ص ١٩) :
يا دار ميّة بالعلياء فالسّند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأمد |
وأما قصة بيت الشاهد فمشهورة ، وهي أن النابغة يدعو النعمان إلى الحزم واليقظة قبل أن يبطش به ، وأن يكون في حكمه كهذه التي عدت الحمام وهو طائر في السماء فكان كما عدت.
وشاهده واضح من الشرح ، وهو في معجم الشواهد (ص ١١٧) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٢٥٦).