______________________________________________________
والمراد بالافتقار : كون المضمر لا تتم (١) دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو ما يقوم مقامها ؛ فأشبه بذلك الحرف ؛ لأنه لا يفهم معناه بنفسه بل بضميمة.
والمراد بالجمود : عدم التصرف في لفظه بوجه من الوجوه حتى ياء التصغير ، وبأن يوصف أو يوصف به كما فعل بالمبهمات (٢).
وأما الاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني : فالمراد به أن المتكلم إذا عبر عن نفسه خاصة فله تاء مضمومة في الرفع وفي غيره ياء ، وإذا عبر عن المخاطب فله تاء مفتوحة في الرفع ، وفي غيره كاف مفتوحة في التذكير ومكسورة في التأنيث ؛ فأغنى ذلك عن إعرابه ، لأن الامتياز حاصل بدونه.
قال الشيخ : «وهذا ليس بشيء ؛ لأنّ المعاني الّتي جيء بالإعراب لأجلها هي الفاعليّة والمفعوليّة والإضافة ، وليست هذه الأحوال التي عرضت للمضمر من التكلم والخطاب والغيبة تدلّ على شيء من المعاني الإعرابية ؛ فلا يصح الاستغناء عنها بهذه الأحوال ؛ لأنّها تدلّ عليها» انتهى (٣).
وما قاله حق أن لو كان اختلاف صيغ المضمر إنما هو للدلالة على التكلم وقسيميه ؛ لكن الدال منه على التكلم للمرفوع منه صيغة ، وكذا للمنصوب والمجرور أيضا. وكذا الدال على الخطاب والدال على الغيبة. والمضمر وإن انقسمت صيغه بالقسمة الأولى إلى الدلالة على التكلم والخطاب والغيبة ، فهي منقسمة بالقسمة الثانية إلى ما هو للمرفوع وللمنصوب والمجرور ، وقد اختلفت صيغه لاختلاف المعاني الثلاثة التي جيء بالإعراب لأجلها.
وأما قول المصنف : وأعلاها اختصاصا أي أعلى الضمائر ، فقد تقدمت الإشارة إليه في أول باب المعرفة والنكرة حيث قال : ـ
__________________
(١) كلمة لا تتم ناقصة من الأصل خطأ.
(٢) المعنى أن الضمائر لجمودها لا توصف ولا يوصف بها ، كما فعل بالمبهمات من أسماء الإشارة والشرط والاستفهام. وهذا بخلاف ما ذهب إليه الكسائي من أن ضمير الغيبة ينعت محتجّا بقولهم : اللهم صلّ عليه الرءوف الرّحيم. وغيره يجعله بدلا كما سبق.
(٣) التذييل والتكميل (٢ / ٢٨٤).