______________________________________________________
التوكيد (١).
وقال السهيلي (٢) : «فائدته الاختصاص ، فإذا قلت : كان زيد القائم ، كان إخبارا عن زيد بالقيام ، واحتمل أن يكون غيره قد شاركه فيه ، وإذا قلت : كان زيد هو القائم أفاد اختصاصه بالقيام دون غيره ، وعلى هذا معنى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٣) أنه المختص بالبتر دونك يا محمد ، والآية نزلت في العاص بن وائل (٤).
وجعل من الاختصاص قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى)(٥) ، (وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(٦) ، (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى)(٧) ، (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى)(٨).
لما كان ثم من يدعي أنه يضحك ويبكي ، ويميت ويحيي ويفني ويغني ، وأن الشعرى رب ـ أخبر تعالى عن نفسه بأنه هو المختص بذلك ، وقال تعالى : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ)(٩) لما لم يدّع أحد الخلق لم يحتج إلى التخصيص» انتهى.
ولا يخفى (١٠) أن الخبر الواقع بعد ضمير الفصل لا يكون فعلا ؛ فإدراجه ذلك في التمثيل ليس بجيد.
إلا أن الشيخ حكى أن الجرجاني حكى أن بعضهم أجاز أن يكون ما بعد صيغة الضمير الذي هو فصل فعلا مضارعا نحو : كان زيد هو يقوم (١١) وكذا في كلام ـ
__________________
(١) التذييل والتكميل (٢ / ٣٠٣) ، والمغني (٢ / ٤٩٦) وقد سمى ابن هشام الفائدة الأولى وهي الاختصاص : لفظية ، وسمى الثانية وهي التوكيد : معنوية.
(٢) انظر في رأي السهيلي : المغني (٢ / ٤٩٤) ، والهمع (١ / ٦٩) ، والتذييل والتكميل (٢ / ٣٠٣).
(٣) سورة الكوثر : ٣.
(٤) قال ابن كثير (توفي : ٧٧٤ ه) في تفسيره المسمى بتفسير القرآن العظيم (٤ / ٥٥٩) قال ابن عباس وجماعة : كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له ؛ فإذا هلك انقطع ذكره. فأنزل الله هذه السورة.
(٥) سورة النجم : ٤٣.
(٦) سورة النجم : ٤٤.
(٧) سورة النجم : ٤٨.
(٨) سورة النجم : ٤٩.
(٩) سورة النجم : ٤٥.
(١٠) فيه تضعيف لما ذهب إليه السهيلي في الآيات السابقة من أن هذا الضمير للفصل وأنه أفاد الاختصاص.
(١١) التذييل والتكميل (٢ / ٢٩٤). قال ابن هشام (المغني : ٢ / ٤٩٤) : وتبع الجرجاني أبو البقاء فأجاز الفصل في : (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) [فاطر : ١٠] وانظر التبيان لأبي البقاء (٢ / ١٠٧٣) ، والمقتصد في شرح الإيضاح لعبد القاهر.