______________________________________________________
أصحاب علم البيان ما يشعر بجواز ذلك. لكن قد تقدم النقل عن سيبويه بأن هو لا يكون فصلا حتى يكون ما بعده معرفة أو ما أشبه المعرفة ، وبأنه قال : فلو قلت : كان زيد هو منطلقا كان قبيحا (١).
وأما (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٢) ، (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى)(٣) ، فمحتمل ما قاله (٤) ووافق السهيلي في هذه الدعوى أصحاب علم البيان ، فقالوا : إنّ ضمير الفصل يفيد الاختصاص (٥).
ولنختم الكلام على الفصل بمسألة ذكرها الشيخ في ارتشاف الضرب (٦) له وهي :
«ما إذا اجتمع ضميران مع الفصل ولم يفصل بينهما ، نحو : زيد ظننته هو إيّاه القائم ؛ فمذهب سيبويه لا يجوز ذلك ، وإن فصلت وأخّرت البدل جاز نحو : ظننته هو القائم إياه سواء كان الفصل بالمفعول الثاني كما مثّلنا أم بظرف معمول الخبر نحو : ظننته هو يوم الجمعة إيّاه القائم إذا جوّزنا معمول ذي أل أن يتقدم عليها ، فإن كان أحدهما إضمارا والآخر ظاهرا جاز اتفاقا ، نحو : ظننته هو نفسه القائم» (٧).
__________________
(١) سبق ذكر النصوص كاملة ومواضعها من كتاب سيبويه.
(٢) سورة الكوثر : ٣.
(٣) سورة النجم : ٤٩.
(٤) وهو أن هذه الضمائر للفصل ، وأنها أفادت الاختصاص والتوكيد أيضا وهما متقاربان.
(٥) قال الإمام السكاكي (في كتابه مفتاح العلوم : ص ٨٣) في معرض الحديث عن المسند إليه.
«وأما الحالة الّتي تقتضي الفصل فهي إذا كان المراد تخصيصه كقولك : زيد هو المنطلق ، زيد هو أفضل من عمرو أو خير منه ، زيد هو يذهب».
وقال الخطيب القزويني صاحب الإيضاح (بغية الإيضاح : ١ / ١٠٥) :
«أمّا توسّط الفصل بين المسند إليه والمسند فلتخصيصه به ، كقولك : زيد هو المنطلق ، أو هو أفضل من عمرو ، أو خير منه ، أو هو يذهب».
(٦) ارتشاف الضرب من لسان العرب ، سفر كبير لأبي حيان لخص فيه ما فصله في سفره الآخر في النحو وهو التذييل والتكميل ، وقد طبع الكتاب مرتين الأولى سنة (١٩٨٤ م) بتحقيق الدكتور / مصطفى النماس (جامعة الأزهر) وقد انتفع الناس بها حيث حقق الكتاب لأول مرة ، والثانية سنة (١٩٩٨ م) بتحقيق الدكتور / رجب عثمان (جامعة القاهرة) وقد انتفع الناس بتعليقاتها الكثيرة ، وكل له فائدة.
(٧) انظر النص المذكور في الجزء الأول (ص ٤٩٥) (تحقيق الدكتور النماس) والجزء الثاني (ص ٩٥٩) (تحقيق الدكتور / رجب عثمان).