جعله في اللغة ، وقطع به ، ولم يعترض فيه ، ثم إذا وجد لله تعالى خالق اللغات وأهلها ـ كلاما لم يلتفت إليه ، ولا جعله حجة وجعل يصرفه عن وجهه ، ويحرفه عن موضعه ، ويتحيل في إحالته عما أوقعه الله عليه» (١).
أما موقف ناظر الجيش من شواهد القرآن الكريم : فقد أخذ منه قمة شواهده ، فكثرت لديه تلك الشواهد كثرة واضحة ، واشتمل شرحه على الآلاف من الآيات القرآنية. وكانت له مواقف مع بعض النحاة في تخريج بعض الآيات والشواهد القرآنية من ذلك قوله في باب الاستغاثة : قال المصنف في الشرح «والمعروف في اللغة تعدي فعله بنفسه نحو : استغاث زيد عمرا قال الله تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ ..) [الأنفال : ٩] وقال تعالى : (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ ..) [القصص : ١٥] ، والنحويون يقولون : استغاث به فهو مستغاث به وكلام العرب بخلاف ذلك ..».
قال ناظر الجيش بعد إيراده ذلك : «... ولك أن تقول : قد تعرض النحاة إلى ذكر الأفعال التي تتعدى بنفسها تارة وبالحرف أخرى ، ولم يذكروا أن فعل الاستغاثة من تلك الأفعال ، ثم قد ثبت بالكتاب العزيز تعديه بنفسه ، فوجب أنه إذا ورد متعديا بحرف أن يدعى فيه التضمين ـ استعان ـ».
ثانيا : القراءات القرآنية :
إذا كانت القراءات القرآنية قد جاءت وفق اللهجات العربية فإن بعض النحاة واللغويين قد رمى بعضها بالخطأ ، وأبعدها عن الصواب انطلاقا من قياسها بمقاييسهم التي وضعوها وذلك حينما لا يجدون لها في العربية وجها تخرّج عليه.
قال السيوطي : «كان قوم من النحاة المتقدمين يعيبون على عاصم ، وحمزة ، وابن عامر قراءات بعيدة في العربية ، وينسبونهم إلى اللحن وهم مخطئون في ذلك ؛ فإن قراءاتهم ثابتة بالأسانيد المتواترة الصحيحة التي
__________________
(١) البحث اللغوي ، ودراسات في العربية وتاريخها : القياس الأصلي (ص ٣١).