المغرب ليلة الجمعة ، فزارنا فيها تلك الليلة من أعيان أهل المدينة السيد أحمد ابن محمد العالم رئيس المحكمة الإسلامية الشرعية العليا ، والسيد محمد بن نصر الدين محسن ، وهو من كبراء أهل البلدة ، فسلما ورحّبا ، وقالا لسيدنا الشيخ مربيه ربه : إن باشا المدينة فرح بمقدمه ومقدم وفده ، وأنه كان يريد التلقي لهم في الباخرة ، حتى عاقه مرض أصابه منذ أيام ، وأنه يلتمس العذر ويطلب صالح الدعاء ، فاشتركنا معهما الدعاء وانصرفا.
صلاتنا للجمعة في مدينة طرابلس ومذاكرتنا مع بعض علمائها
فلما كان بالغد يوم الجمعة ، نزل أكثر الركب إلى المدينة لصلاة الجمعة ، وفيهم الشيخ محمد الإمام وجامعه ، فصليناها في جامع الباشا المتقدم ذكره ، والتقينا هناك مع سادة علماء أجلاء من أهل المدينة ، فتذاكرنا معهم في بعض الفنون العقلية والنقلية ، فإذا هم في غاية الأدب والمعرفة بالعلوم ، فأطلعونا على مكتبتهم ، فوجدناها مشتملة على كثير من الكتب المعتبرة ، وبالغوا في إكرامنا والإحسان علينا ، ولهم أخلاق طيبة وآداب جمة وكرم زائد ، فمن السادة المذكورين ، وإن كانوا كثيرين ، الشيخ طاهر بن عبد الرزاق الشريف الإدريسي البشتي (٢٤٠) ، أحد قضاة البلد ، والأستاذ الشيخ عبد الرحمان بن علي القلهوبي ، والمدرس في مدرسة القراءات ، الشيخ مصطفى الهوني ، والشيخ طاهر بن أحمد الشريف ، المدرس بالمدرسة الأهلية (٢٤١) ، والأستاذ الشاعر أحمد فقيه حسن بن محمد ، المتقدم ذكره ، وأخبرنا أنه بعث لنا أبياتا يخاطبنا به ـ وفد الشناجطة ـ ولعلها لم تصل إلى الباخرة إلا
__________________
(٢٤٠) عبد الرزاق بن الطاهر البشتي : ولد بالزاوية سنة ١٩٠٤ ، اشتغل بالقضاء والمحاماة والتدريس مدة طويلة ، كان له نشاط سياسي داخل حزب الاستقلال الذي استلم مقاليد السلطة من حكومة الاحتلال. وهو شاعر ومؤلف توفي سنة ١٩٦٢.
(٢٤١) الطاهر أحمد الشريف ، ولد بطرابلس ، اشتغل بالتدريس ثم إدارة العدل بولاية طرابلس ، توفي سنة ١٩٦٠.