عشر من المحرم ، سرنا للتفسح في مدينة اشبيلية والاعتبار في بعض مئاثرها ، ورؤية بعض محاسنها ، فدخلنا الجامع الشهير بمسجد بني عباد ، فوجدناه في غاية الحسن والاتساع والإبداع وإحكام البناء وإتقان السواري ، على كثرتها ، وقد درت بسارية من سواريه لأقيس قدر عظمها ، فإذا هي سبع وعشرون خطوة لمن يمشي دائرا بها ، وجميع سواريه الكثيرة كذلك ، وفيه صومعة لا توصف حسنا واختراعا وطولا ، ولم تتغير على تطاول العهد ومرور الأعصار ، إلى غير ذلك من تلك المآثر الحسنة ، كالوادي الكبير الذي حولها ، وهو وادي في غاية الحسن وصفاء الماء وعذوبته ، وبإزائه الرياض الزاهرة وسائر الأغراس والزروع الباهرة ، يسرح الطرف في ناضرها بكلتا الضفتين المعتدلتين في ميزان المحاسن اعتدال الكفتين ، وتسير فيه البواخر ، فركبنا عشية يومنا ، يوم السبت الباخرة ، فأقلعت بنا بعد صلاة المغرب قاصدة جزائر كناري ، سالكة بنا الوادي الكبير المذكور ، فلما مضت من الليل ، وصلت البحر المحيط ، فسارت بنا معه لوجهتنا إلى كناري بحمد الله وعونه ، فلبثنا بين إشبيلة وكناري ثلاثة أيام.
وصولنا إلى جزيرة كناري
ووصلنا كناري عشية يوم الثلاثاء ، الثاني والعشرين من المحرم ، ففرح بنا أهلها ، وأنزلونا في المحل الذي نزلنا فيه لما مررنا بها في ذهابنا ، ولم يقصروا في إكرامنا والإحسان علينا ، وهنأونا بالسلامة والحج والإياب بخير ، فبتنا بها ليلة الأربعاء والخميس مجتمعين.
ذكر ركوب الشيخ مربيه ربه من عندنا في
كناري وأبيات خاطبني بها قبل ركوبه
فلما كانت صبيحة يوم الخميس الرابع والعشرين من المحرم ، ركب سيادة الشيخ مربيه ربه ومعه أهله الطيارة لجهة الطرفاية ، ثم أقام سائر الوفد بعده بكناري ثلاثة أيام ، وقبل ركوب الشيخ مربيه ربه ـ أعزه الله ـ خاطب جامع الرحلة ما العينين بن