بعض الأعيان الذين اجتمعنا بهم بمكة من الشناجطة
وغيرهم ، واجتماعنا بسادن الكعبة ودخولنا لها
وممن ندينا لمحله ، وتعاهد زيارتنا ، وأظهر لنا المحبة الكاملة والخصوصية الزائدة عند قدومنا لمكة المشرفة ، الأستاذ العلامة عمر بن حمدان المحرسي ، المدرس في الحرمين الشريفين ، فأتاه سيادة الشيخ وجميع وفده ، وصادفنا بداره كثيرا من الكبراء والعلماء والرؤساء من أهل مكة ومصر والعراق والشام ، وغير ذلك من الحجاج ، فاحتفل بالجميع احتفالا كبيرا ، وقدم من الأطعمة الحسنة والأشربة المستحسنة ، وبسط من الفرش المنمقة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة ما ينبئ عن كرمه وسخائه وفضله ، مع كمال البسط والإكرام والمبرة والإنعام ، ووقعت في المجلس محاضرات أدبية ومذاكرات علمية آلت إلى إنشاد أشعار مستظرفة وإنشاد أبيات مستملحة فيما يقتضيه الحال ، بعضها أنشأه جامعه ما العينين بن العتيق ، عفا الله عنه ، وبعضها أنشأه الشيخ محمد الإمام ، ومنها ما أنشأه بعض أولئك الحاضرين ، ثم كتبت جل أسماء الأدباء والعلماء الحاضرين ، وكتبت أشعار المحاضرة فذهبت عليّ أيامنا في منى لمرض أصابني هناك ، هي وجلّ التقاييد التي فيها أسماء الأعيان الذين اجتمعنا بهم في مكة المشرفة ، وفيها كثير من صفة أحوالنا وأيامنا بها ، مع أني لم أتفرغ لكتب كثير من ذلك للشغل عنه بما هو أولى بي منه ، فلذلك لم أذكر من تلك الشؤون في هذه الرحلة إلا القليل.
والشيخ عمر هذا المذكور هو المرجوع إليه في المذهب المالكي بمكة والمدينة وقته ، وهو المدرس فيهما ، وعادته أن يقيم في كل واحدة من البلدتين الطاهرتين ستة أشهر للتدريس بها ، ثم يتوجه إلى الأخرى ، فهو شيخ المالكية هناك. وأما شيخ المذهب الحنفي بمكة المشرفة وقته ، فيسمى الشيخ محمد المرزوقي أبو حسين ، وشيخ المذهب الشافعي بها ، الشيخ أحمد ناضرين ، وقاضي القضاة بمكة المشرفة الساعة يسمى الشيخ عبد الله بن حسن النجدي ، من آل الشيخ ، وأولئك يقلدون في كثير من أحكامهم الإمام أحمد بن حنبل ، والقاضي بمكة في المحكمة الكبرى ، محمد القاري الحنفي ، وتحته في القضاء القاضي محمد فود المصري المالكي.