المقدّمة
يشكل تراث الصحراء المغربية جزءا هاما من التراث المغربي ، ورافدا متميزا من روافده الثرة ، وكان هذا التراث وحتى بداية القرن الماضي معروفا في سائر المراكز الثقافية المغربية ، وخاصة في مراكش والرباط ومكناس وتطوان ، يتداوله العلماء والمهتمون ، تقريظا وتذييلا وتهميشا ، ويتنافس رجال المطابع والمكتبات في طبعه وإخراج متونه ، وخاصة مؤلفات علماء مدرسة السمارة.
وقد حاول المستعمر القضاء على هذا التراث في إطار سياسته القائمة على ضرب مقومات وحدة الشعوب المستعمرة ، فقام بإحراق خزانة الشيخ ماء العينين خلال الهجوم الفرنسي على مدينة السمارة سنة ١٩١٣ ، وخرب ونهب العديد من الذخائر العلمية والمآثر التاريخية ، لكن قوة وأصالة هذا التراث ، وتشبث المغاربة به ، وحرصهم على صيانته والمحافظة عليه جعله يتخطى كل التحديات ، ويواصل فعاليته الإشعاعية.
وبعد استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية ، قامت حركة علمية نشيطة للتعرف بهذا التراث وإبراز قيمته العلمية ، فأنجزت بعض الدراسات القيمة (١)
__________________
(١) من هذه الدراسات ـ ثقافة الصحراء لأستاذنا الدكتور عباس الجراري ـ الصحراء من خلال بلاد تكنة ، مصطفى ناعمي ـ مناقب الصحراء ، للأستاذ عبد الوهاب بنمصور ، تحقيق ديوان الأبحر