مطلب في بيان أسلوب المديحيات التي فتح الله
بها على صاحب الرحلة وتاريخها
فلما كانت سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وألف ١٣٤٩ ، فتح الله تعالى علي بقصائد خدمت بها جانب النبي صلىاللهعليهوسلم الكريم في بعض المستطاع ، من مدائح قدره العظيم ، نظمتها على أسلوب لم أر من سبقني إليه مراعاة للتفنن في أساليب ، الثناء عليه ، وذلك أني جعلت في كل قصيدة منها ثمانية وعشرين بعدد الحروف ، وكل بيت من القصيدة افتتحته بحرف على سبيل الترتيب المعروف ، فجعلت عدة القصائد ثمانية وعشرين كذلك ، وكل واحدة تخص برويها من الحروف على المتابعة كما هناك ، وأفتتح بالحرف الذي هو روي القصيدة بيتها الأول ثم أتابع من لدنه سرد الحروف حتى تستكمل ، إلى أن أختم بالحرف الذي قبل الحرف المفتتح به ، كما وصف ، والتزمت في كل بحر قصيدة تيامنا بكمال الأرب حتى اكتملت البحور الخمسة عشر التي استعملتها العرب. ثم أعدت بعد ذلك ما دعت له القريحة منها ، وجعلت آخر قصيدة منها في بعض أوصاف ذاته صلىاللهعليهوسلم الشريفة ، وسميتها (مطالع الأنوار في مدائح المختار) (١). فلما من الله علي بإتمامها والنفس في غاية شوقها وغرامها ، رجوت من الله وبجاهه صلىاللهعليهوسلم أن ييسر لي إنشادها عنده في مدينته المنورة ، فحست نفسي بفضل الله عند ذلك بالإجابة وبلوغ الأمنية من بركة مديحه صلىاللهعليهوسلم واطمأنت بأن الفرج حصل. ومن ذلك الوقت لم أشكّ بحمد الله في أن الله ييسر لي فضلا منه زيارة نبيه عليهالسلام ، وحج بيته الحرام ، لكن لكل أجل كتاب ، وليس على من غلبه الشوق عتاب.
ولا بأس بذكر القصيدتين الأوليين والقصيدة الأخيرة من هذه القصائد المذكورة هاهنا ليتبين للسامع حالها ، ويزول عنه إشكالها ، وللتبرك والتيامن بمدحه صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١٥) مجموع اسلم ، من الورقة ٤٤ إلى ٧٢ مخطوط.