مطلب مدة إقامتنا بكناري بعد الشيخ
مربيه ربه وركوبنا منها ونزولنا بطرفاية
ولنرجع إلى ما كنا بصدده من أمر الرحلة ، وذلك أنا بعدما أقمنا ثلاثة أيام بكناري ، بعد ذهاب الأستاذ الشيخ مربيه ربه ، ركبنا يوم الأحد السابع والعشرين من المحرم الطيارة ، ولبثنا فيها نحو ساعة وربع ، فنزلنا صبيحة ذلك اليوم بمدينة الطرفاية عند من هناك من الأهليين ، وأقام لنا أهل المدينة وقت نزولنا حفلة هائلة وأبهة شاملة ، وأظهروا من الأفراح والمسرات ما لا مزيد عليه ، ووجدناهم متهيئين على ترتيب عجيب وزيّ حسن غريب ، على حسب مراتبهم ، وتفاوتهم في مناصبهم. وعندما استقرت الطيارة ، أقبلوا علينا من ل جهة مسلمين ومهنئين. وأول من لقينا سيادة الشيخ الطالب اخيار (٧٤) بن شيخنا الشيخ ماء العينين ، وكان قدم قبل مقدمنا على الطرفاية من جهة أهله في بلاد مرتان لزيارة إخوته وأهاليه والسلام عليهم. ولقينا معه سيادة أخيه الشيخ محمد الأغظف ، فسلمنا على الشيخين ، والتمسنا منهما صالح الأدعية ، فدعوا لنا بخير ، وهنآنا بحج بيت الله الحرام وزيارة نبيه عليه الصلاة والسلام وبرجوعنا ـ لله الحمد ـ سالمين ظافرين ، ثم سلمنا على سائر الأقارب والإخوان والأحباء وجميع أهل المدينة ، ثم سرنا صحبة الشيخين المذكورين إلى دار الأستاذ الشيخ مربيه ربه ، وما زالت تدور بنا الصفوف ، وتضرب بجوانبنا الدفوف ، والناس محدقة بنا في زحام ، رافعين للتباشير فوق الرؤوس والدور الرايات والأعلام ، حتى دخلنا دار الأستاذ الشيخ مربيه ربه مع أخويه المذكورين ومعنا رؤساء أهل البلد ، فتلقى لنا بما لا يوصف من الإجمال والإكرام والإكبار والإعظام ، وبذل ملاذ الشراب والطعام كما هو المألوف من كرمه في سائر الأيام.
__________________
(٧٤) الطالب اخيار : ولد سنة ١٢٩١ ه ١٨٧٤ م بالجنوب المغربي ، بعد بلوغه مرتبة الشيوخ بعثه والده الشيخ ماء العينين إلى بلاد القبلة لنشر الفاضلية ، وظل بها إلى أن توفي في مدينة اندر من بلاد السنغال سنة ١٣٦٢ ه ١٩٤٣ م له تآليف كثيرة ، وأشعار مختلفة ما زالت كلها مخطوطة ، أنظر ترجمته في : الأبحر المعينية ، ج ١ و ١٣٤ ، سحر البيان ، و ١٢٥.