مخاطبات شعرية أدبية بين الشيخ محمد الإمام وجامع الرحلة
وكذلك صنوه الأستاذ الشيخ محمد الإمام المذكور ، فقد كان بيني وبينه ـ أطال الله بقاءه ـ من الخصوصية الصافية ، والمودة الخالصة ، والمحبة الوافية ما لا يخطر على بال ، ولا يعبّر عنه مقال ، حتى كأنا بحمد الله ، ذاتا واحدة ، تقاربت الجسوم ، أو كانت متباعدة ، فلسنا ـ بحمد الله ـ إلا كما قيل :
[الرمل]
أنا من أهوى ومن أهوى أنا |
|
نحن روحان حللنا بدنا (١) |
فإذا أبصرتني أبصرته |
|
وإذا أبصرته قلت أنا |
فقد جعلني ـ دام عزه ـ كنز سره المكنون ، وحديقة أنسه المصون ، فمبلغي عنده في الاجتباء والاصطفاء والتقرب لم يبلغ قريبا منه حبيب من حبيب ، وما ذاك إلا من كرمه وتواضعه وأفضاله ، ومحاسن أخلاقه وإجماله ، وتحليه بالأوصاف المحمدية ، ورسوخه في المقامات الأحدية ، وتأسيه بالأخلاق القرآنية ، وثبوته في مجمع الطرق الربانية ، ودائما ـ أدام الله لنا بقاءه ورفعته وعزه وارتقاءه ـ يخاطبني بما هو أهل له من الإحسان والإكبار ، وإظهار الاتحاد في الإعلان والإضمار ، في محاسن النثر ، وبدائع الأشعار ، فمن ذلك هذه الأبيات أنشدنيها من ارتجاله ـ حفظه الله ـ وقد اجتمعنا بعد ما كنا مفترقين ، وهي (٢) :
[البسيط]
ماذا أقول ولو أطنبت فيما بي |
|
شوقا لكم كان كالإيجاز إطنابي |
__________________
(١) ينسب هذان البيتان لرابعة العدوية.
(٢) أنظر هذه المساجلة في مجموع يحجب ، و ٢ ، وكذا مجموع اسلم ، و ١٨٤.