ـ دام عزه وعلاه ـ في مدينة الطرفاية ، ووجدته منبعث الهمة إلى الحج ، عازما عليه تلك السنة ، إن ساعدته المقادير ، وقال لي : كنت أود مجيئك هذا وأتمناه لمرافقة في الرحلة إلى الحج ، فسررت بذلك غاية السرور ، وحمدت الله عليه. وكان مقدمي عليه في رجب من السنة المذكورة ، فأقمت عنده إلى يوم عيد النحر ، وقد بذل جهده في توجهنا إلى الحج هذه السنة ، فلم يساعد الحال في ذلك ، وكل شيء عنده بمقدار ، ثم رجعت إلى الأهل بأحياء العرب الصحراوية بعد ما عاهدني الشيخ قدس الله روحه أنه متى تيسر له السفر إلى الحج يبعث لي للمرافقة ، مع أنه لا يال جهدا في الحال التي يتيسر بها بحول الله.
تاريخ حجة الشيخ مربيه ربه الأولى وقصيدة
لصاحب الرحلة في مدحه وتهنئته بحجته
فلما كانت سنة ست وخمسين ، يسر الله بفضله للشيخ مربيه ربه الرحلة (٥٩) إلى الحج ، فبعث إلي حسبما عاهدني رغبة منه في صحبتي إياه ، وإحسانا وإفضالا علي فيما هو الغاية القصوى والمنية العظمى ، فلم يبلغني رسوله ، لأنا تلك الأيام ، قادنا المرعى إلى صحراء بعيدة ، فلم يمكن الرسول بلوغنا ، ولم نعلم بحج الشيخ إلا بعد إيابه ، فمسني حزن من الأسف والندم على ما فاتني من مرافقته ـ أعزه الله ـ إلى الحرم ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، سيجعل الله بعد عسر يسرا.
فلما كانت السنة القابلة ، سنة سبع وخمسين ، قدمت على الشيخ ـ أعزه الله ـ بمدينة الطرفاية في جمادى الأولى للسلام عليه والزيارة منه وتهنئته بالحج وزيارة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنشدته هذه القصيدة في مدحه وتهنئته ، وهي (٦٠) :
__________________
(٥٩) يقصد رحلته الأولى إلى الديار المقدسة سنة ١٣٥٦ ه الموافق لسنة ١٩٣٧ عن طريق تطوان.
(٦٠) مجموع علي مربيه ربه ، ورقة ٣ ، مخطوط.