سورة يس وبعض سور المفصل ودعونا الله ، ثم سرنا لقبر السيد بهلول (٢٣٣) في تلك المقبرة ، وهي كبيرة ، وهو رجل مشهور بالعلم والصلاح ، فزرناه واستغفرنا له ولجميع من بالمقبرة من أموات المسلمين ، ودعونا الله هناك.
اجتماعنا بقاضي طرابلس وجلسائه ، وفيهم
مؤلف «ملخص الأحكام الشرعية» ومذاكراتنا معهم
ثم انصرفنا راجعين إلى المدينة ، فصلينا الظهر بجامع الدرج (٢٣٤) ، فلما خرجنا مررنا بمحل قاضي القضاة بالمدينة ، فتلقى لنا بعض أصحابه ، وهشوا وبشوا لنا وأدخلونا في المحل ، وسألونا أن ننتظر مجيء القاضي ليسلم علينا ، ففعلنا ، فلم نلبث أن جاءنا ، ورحب غاية وأكرم مجلسنا وأحضر الطعام الحسن ، وأظهر الإكرام والمسرة بمقدمنا وهنأنا بما نحن بصدده من حج بيت الله الحرام ، واسمه الشيخ محمود بن محمد بن برخيص ، وكذلك جلساؤه ، فكلهم باسطنا وانشرح للقائنا ، وكلهم ذو علم وآداب وأخلاق جميلة. ومن الأعيان الذين لقينا مع القاضي المذكور ، الشيخ أحمد الشارف (٢٣٥) الحاكم بالمحكمة الشرعية العليا بن علي ، من قبيلة العمائم ينتهي نسبه إلى العباس بن مرداس من بني سليم ، ويلقب بشاعر ليبيا ، والمراد بليبيا طرابلس وسائر قطرها ، وتذاكرنا معه ومع القاضي ، فوجدنا لهما خبرة كثيرة بعلم الفقه والأدب والسير والتاريخ والأشعار وأكثر العلوم ، وقبل قيامنا بقليل أنشدهما جامعه ما العينين ابن العتيق ، غفر الله لهما هذين البيتين من ارتجاله وهما :
__________________
(٢٣٣) بهلول : ولي صالح.
(٢٣٤) جامع الدرج : يوجد في المدينة العتيقة.
(٢٣٥) الشيخ أحمد الشارف : من قبيلة أولاد يحيى من العمائم ، ولد بزليطن سنة ١٨٧٢ ، حفظ القرآن بالمعهد الأسمري ، وهو من كبار شعراء ليبيا ، توفي سنة ١٩٥٩.