فسار بنا إلى جامع كرج (٢٢٩) ، وكرج هو مصطفى كرج ، اسم الرجل الذي بناه ، وقبره في زاوية منه ، وزرناه هناك ، وصلينا في المسجد ما شاء الله من النافلة ، وهو مسجد حسن ، في تنظيم بديع ، سقوفه قباب ، فرشه زرابي تركية ، ثم سرنا إلى جامع شائب العين (٢٣٠) ، وهو أيضا اسم الرجل الذي بنى الجامع ، وقبره عنده وزرناه أيضا هناك ، وصلينا في المسجد ما شاء الله ، ثم سرنا أيضا إلى جامع الباشا (٢٣١) ، وهو أحمد باشا الكرماني بانيه أيضا ، وصلينا فيه ولقينا به رجلا هو القائم بأمره يسمى السيد محمد بن يوسف ، عليه وسم خير ، فرح بنا ، ثم سرنا إلى قبر الصحابي المذكور ، وقالوا لنا أن اسمه منيدر (٢٣٢) بالتصعير ، وأنه تواتر عنهم أنه صحابي ، وأنه روي عنه حديث واحد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قلت ويشهد لذلك ما في كتاب «الترغيب والترهيب» للحافظ زكي الدين المندري ، ونصه : «وعن المنيذر رضياللهعنه ، صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من قال إذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، فأنا الزعيم لأخذنّ بيده حتى أدخله الجنّة». رواه الطبراني بإسناد حسن». انتهى من لفظه ، قالوا : ومما يعضد كونه صحابيا ، وجدان هذين البيتين مكتوبين على بعض القبور التي بجواره وهما :
[الكامل]
هي في جوارك يا منيذر فاحمها |
|
ومن المروءة أن يجار الجار |
حاشا لفضلك يا حبيب محمّد |
|
من أن تمسّ مجاوريك النّار |
فلما وصلنا قبره رضياللهعنه ، وجدناه ، عنده هيبة عظيمة وأنس كبير ، فقرأنا عنده
__________________
(٢٢٩) جامع كرجي : يوجد بمحلة كرجي غرب طرابلس ينسب إلى الرجل الذي بناه.
(٢٣٠) جامع شائب العين : يوجد في المدينة القديمة بطرابلس.
(٢٣١) جامع الباشا الكرماني : يوجد في طرابلس المدينة ، قرب باب الترك قريبا من الساحة الخضراء.
(٢٣٢) هو منيدر بن ثابت الأنصاري ، يقال إنه روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم.