الزاهرة ، والمشاهد الكريمة الشريفة العظيمة ، فجرت على لساني هذه الأبيات ، لا جعله الله آخر عهدي بتلك الحضرات العليات ، وأعادني إليها مرارا ، وأماتني على حسن الختام بجوار نبيه عليه الصلاة والسلام ، والأبيات هي :
[البسيط]
متى الرجوع لمن قلبي بهم نزلا |
|
فلا وربّك لا أبغي بهم بدلا |
أستودع الله من أودعتهم خلدي |
|
فلم أطق حيرة قولا ولا عملا |
إني لأغبط قلبي حيث عندهم |
|
ثوى وأرثى لجسمي أنه ارتحلا |
نزلنا بجدة وركوبنا منها إلى السويس
قافلين ، وبيتان لجامع الرحلة أنشأهما وقتئذ
ثم سرنا يومنا ، فبتنا ليلة الأحد في محلة قريبة من رابغ ، وجئنا رابغا بعد أن أدلجنا وقت صلاة الصبح ، فنزلنا عنده إلى وقت الضحى ، فركبنا ودخلنا جدة وقت القيلولة ، فوجدنا الباخرة قد دخلها من كان فيها من الحجاج ، وهي تنتظرنا ، فنزلنا بجدة ، فلما صلينا الظهر ، ركبنا زورقا إلى الباخرة ، فدخلناها عشية يوم الأحد التاسع والعشرين من ذي الحجة ، فاحتفل أهلها لدخولنا احتفالا عظيما ، فلما كان قبل الغروب بقليل من اليوم المذكور ، أقلعت الباخرة بنا قاصدة السويس ، راجعة مع اثرها لجهة المغرب ، فنظرت إلى جهة الحرم الشريف ، وقلت :
[الرجز]
لا تجعل اللهم ذا من كرمك |
|
أخر عهدنا بأرض حرمك |
وأينما كنا فجد بنعمك |
|
ربّ علينا واحمنا من نقمك |