سبحان الله هذه خصوصية من الله تعالى ، فإنه ما على وجه الأرض الساعة من هو متلبس بهذه العبادة غيرنا ، نرجوه تعالى أن يتقبل أعمالنا ، ويوفقنا لصالح العمل ، ولا يكلنا إليه ، وبلغنا أن الملك عبد العزيز ، كان يطوف في جملة الناس بدون امتياز ، أعوام إمارته الأولى حتى غدره بعض الظلمة ، وهم مستلم الحجر الأسعد ، فضربه بمكحلة حتى مست الرصاصة الحجر الأسعد ، فسلمه الله ببركة ذلك المقام الشريف ، ومن حينئذ صار لا يطوف إلا على هذه الهيئة التي ذكرنا ، خشية الغائلة.
مدة إقامتنا بمكة المشرفة
وقد كانت مدة إقامتنا بمكة المشرفة بعد أيامنا في الحج خمسة أيام ، فباعتبار أيام الحج ، وأيامنا فيها قبله ، تكون المدة سبعة عشر يوما ، لأنا دخلناها صبيحة يوم الأحد فاتح ذي الحجة ، وخرجنا منها بعد صلاة العشاء ليلة الأربعاء الثامنة عشر من ذي الحجة ، نحمده تعالى حق حمده ، ورضى نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ، على ما تفضل به علينا من حج بيته الحرام ، مشرق شمس سيد الأنام ، عليه أزكى الصلاة والسلام ، حيث دائما يتجلى الحق تعالي على الأنام ، بالرحمة والإحسان والإكرام ، ومغفرة الأوزار ، والأثام ونيل سائر الآمال والمرام. فيا لها من بلدة من دخلها كان من الآمنين ، ومن نحا نحوها ، كان من الفائزين ، فهي قبله العابدين ، وغاية منية السابقين ، ومناخ همم العارفين ، ومحط آمال الراغبين ، نرجوه تعالى أن يسعدنا بها في سائر الدهور ، ويحفظنا من جميع الشرور وينيلنا جميع الخيور ، ويوفقنا لمرضاته في جميع الأمور ويختم لنا بالسعادة ، ويرزقنا الحسنى مع الزيادة ، نحن وبنينا وأحبتنا ، وأقاربنا وأشياخنا ، ومن علمنا ، وجميع المسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، وأن لا يجعل هذا آخر عهدنا بهذه البقاع الطاهرات ، والمشاهد المقدسات ، والحضارات المعظمات ويهدينا ، ويكون لنا في سائر الأماكن والأوقات.