قدرت على المشي بفضله تعالى ، وشفيت بحمده ، فرمينا الجمار مبتدئين بالأولى التي تلي مسجد الخيف ، ثم بالوسطى ، وختمنا بالعقبة ، فوقفنا إثر الأوليين بقدر الإمكان مجتهدين في الدعاء لنا وللأحبة والإخوان ولسائر المسلمين في كل مكان ، وكذلك فعلنا في اليوم الثاني ، وكانت أيام منى غرارا في أوجه الزمان ومواسم فرح وسرور لأهل الإيمان ، يتجلى فيها الحق يومئذ بصفة الجمال ، جزاء على رضاهم قبل ذلك بتجلي الجلال ، ولله درّ القاتل :
[السريع]
بلغت يا نفسي المنى في منى |
|
وقد أزال الله عنك العنا |
فاستنفدي وسعك في شكره |
|
وشيدي منه بناء الثّنا |
ثم صلينا الظهر في مسجد قريب من الجمرات ، شائع عند أهل البلدة أنه أنزلت فيه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة الكوثر ، ثم تعجلنا ، قال تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)(٢٨٢) ، فدخلنا مكة المشرفة وقت العصر من يومنا ، وهو يوم الخميس الثاني عشر من ذي الحجة ، فصلينا العصر بالمسجد الحرام ، شاكرين الله تعالى على منته علينا بقضاء مناسكنا على الوجه الذي قررناه باختصار راجين منه تعالى أن يتقبلها خالصة لوجهه الكريم ، ويثيبنا بجنة النعيم ، والنظر إلى وجهه العظيم ، في جوار سيدنا محمد عليه أتم صلاة وتسليم.
فائدة في ذرع الكعبة وقدر المسجد الحرام بالقدم
فائدة في ذرع الكعبة المكرمة من داخلها وخارجها وارتفاعها ، عدة روايات وذلك ناشئ من اختلاف قدر الأذرع في القصر والطول. وأقربها عندي بالذراع المتوسط
__________________
(٢٨٢) سورة البقرة الآية ٢٠٣.