بسم الله الرحمان الرحيم
خروجنا من مكة المشرفة إلى المدينة المنورة لزيارته صلىاللهعليهوسلم
ثم لما كانت ليلة الأربعاء الثامنة عشر من ذي الحجة الحرام ، بعد أن صلينا المغرب والعشاء ، بمسجد الله الحرام ، طفنا ببيت الله الحرام طواف الوداع ، وتضلعنا من ماء زمزم بحمد الله ثم رجعنا للحجر الأسود واستلمناه وقبلناه ودعونا عند الملتزم على الهيأة المأثورة ، وهي أن يلصق القائم بين الباب والحجر صدره بالبيت ويمد يده اليمنى لجهة باب البيت ، ويده اليسرى إلى جهة المحجر ، نرجوه تعالى نيل الفوز والظفر ، وقضاء كل مأرب ووطر ، بجاه كل من حج واعتمر ، ثم خرجنا من باب الوداع ، لا جعله الله آخر عهدنا بتلك البقاع الطاهرات الطيبات المباركات ، ثم ركبنا السيارة من وقتنا متوجهين إلى المدينة المنورة لزيارته صلىاللهعليهوسلم ، فسرنا ليلتنا حتى بارحنا مكة المشرفة ، فنزلنا وبتنا فيها وبين جدة ، فركبنا صباحا ، ووصلنا جدة ضحى يوم الأربعاء ، ونزلنا بها إلى قرب الزوال ، ثم ركبنا ، فلما بلغنا كراع الغميم ، غاصت السيارة في خضخاض هناك ، وفسد من آلتها ما عاقها عن الجري ، فنزل وفدنا ، وحملوا الشيخ مربيه ربه على أيديهم حتى جاوزوا به أماكن الطين والماء ، وتفرق أهل السيارة في ذلك الموضع لطلب الظل للمقيل ، وأظلّت أصحابنا على الشيخ بأرديتهم ، وممن باشر ذلك ابن أخيه السيد بوي بن الشيخ حسنّ ، فإن الشيخ اضطجع على فخذه وأظلّه بردائه ، فنام عليه حتى استراح ، وأخبرني السيد بوي أنه نال بتلك الضجعة التي رأس الشيخ فيها على فخذه ما يحمد الله عليه من الفتوحات ظاهرا وباطنا ، وظهرت له أوائل ذلك من تلك الساعة ولم تزل تزداد ، ولله الحمد ، ثم ركب الشيخ محمد الإمام على سيارة أخرى مرت بنا حتى وصل محطة أمامنا ، فرجع لنا بسيارة صالحة ، فركبناها وقت الغروب حتى وصلنا المحطة التي قرب رابغ ، فبتنا هناك ، وركبنا صباحا فوافينا رابغا ضحوة الخميس ، فنزلنا فيه قليلا ، ثم ركبنا لوجهتنا بعد الاستراحة فيه.