واستجازني فقلت :
ولم تك لي في دورها من لبانة |
|
ولكنّها نحو الحبيب سبيليه |
وصولنا لمدينة مليلية وابتهاج أهلها بمقدمنا
فوصلناها وقت الظهر يوم الأحد الثالث عشر من المحرم الحرام ، وكان يوم وصولنا لها كيوم العيد ، لما أظهره أهلها من الاحتفال والفرح والمسرة والابتهاج وإظهار الزينة والانبساط التام في الخاص من أقوامهم والعام. لما دانت الباخرة من المدينة ، اجتمع كثير من الناس على مينائها ، حتى امتلأت ، ووقف كثير بساحل البحر وكثير فوق سطوح الدور وجاءت السيارات من كل جهة ، واصطفت بإزاء الميناء ، والناس صفوف حولها ، ونصبوا كثيرا من الرايات والأعلام ، ووقفوا ينتظرون وصول الباخرة إلى الميناء رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير والصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم والأدعية ، مع ضرب الدفوف وسائر آلات الطرب والأفراح ، وإظهار التماس البركات والدعوات الصالحات من الحجاج ، وكذلك الباخرة نصب ضباطها أعلام الفرح والاستبشار في جميع جوانبها ، ووقف أهلها بحافاتها ، منتظرين وصولها إلى الميناء ، وكل من الفريقين يشير إلى الآخر بالسلام والترحيب والتهنئة ، ووقف أعيان الدولة وضباطها بإزاء الميناء بعساكرهم في زيّ عجيب وتنظيم غريب. وما زال لكل في تزايد الأفراح والحبور والانبساط والانشراح والسرور إلى أن رست الباخرة بإزاء الميناء ، فأقبل الفريقان بعضهم على بعض بالتهاني وإفشاء السلام ، وحمد الله وشكره على السلامة والاجتماع ، فطلع علينا بالباخرة أعيان البلدة من أهل المخزن وغيرهم ، كالجنرال موح مزيان (٢٩) الريفي وأبيه ، والباشا الحاج عبد القادر بن الحاج الطيب ، نائب الصدر الأعظم بالمنطقة الريفية ، وغيرهم ، فبدأوا بالسلام على سيادة الشيخ مربيه ربه ، أعزه الله ووفده وجلسوا معنا ، قدر ساعة ، ثم انقلبوا ليسلموا على أعيان أهل الباخرة.
__________________
(٢٩) الجنرال محمد أمزيان : هو رجل الحرب المعروف ، حارب إلى جانب فرانكو ، فأسندت إليه إحدى العمالات بإسبانيا لما حصل المغرب عل استقلاله ، انضم إلى الجيش المغربي ، تقلد عدة مناصب سامية وعدة ألقاب فخرية ، آخرها الانعام عليه برتبة مارشال.